في خطوة جديدة تعكس اهتمام الدولة بتعزيز كفاءة سوق المال، أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، القرار رقم 2812 لسنة 2025 بتعيين الدكتور إسلام عبد العظيم عزام رئيساً لمجلس إدارة البورصة المصرية لمدة عام، وذلك خلفاً للدكتور أحمد الشيخ.
ويأتي هذا القرار في توقيت دقيق يشهد فيه الاقتصاد المصري مرحلة مهمة من التحولات والإصلاحات، وهو ما يضع على عاتق الدكتور عزام مسؤولية كبيرة لإدارة واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية التي تُعد مرآة لحركة الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد.
الدكتور إسلام عزام ليس وجهاً جديداً على الساحة الاقتصادية، بل يُعتبر واحداً من أبرز الخبراء في مجالات التمويل والاقتصاد القياسي والسياسات النقدية. فالرجل جمع بين الخبرة الأكاديمية الطويلة والعمل التنفيذي في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص على حد سواء.
بدأ مسيرته العملية في الهيئة العامة لسوق المال كمحلل اقتصادي في إدارة الرقابة على التداول، ثم تدرج في المناصب ليصبح مساعداً لرئيس الهيئة خلال الفترة من 2003 إلى 2005. كما عمل مستشاراً لرئيس هيئة التمويل العقاري بين عامي 2007 و2009.
وفي يناير 2021 تولى منصب نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وظل في موقعه حتى أغسطس 2025، حيث أشرف على قطاعات سوق رأس المال والتأمين والتمويل غير المصرفي، وهو ما أكسبه خبرة واسعة بملفات القطاع المالي غير المصرفي، وجعل منه أحد أبرز الأسماء التي تتعامل مع الأطر التشريعية والتنظيمية للأسواق.
إلى جانب المناصب التنفيذية، يحتفظ الدكتور عزام بحضور أكاديمي قوي، حيث يشغل منصب أستاذ التمويل بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. وقد تولى سابقاً رئاسة قسم التمويل والدراسات العليا في التمويل بنفس الجامعة حتى عام 2021.
كما درّس في جامعات مصرية ودولية مرموقة منها جامعة قناة السويس، جامعة ستيلينبوش بجنوب أفريقيا، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، جامعة القاهرة، جامعة لندن للاقتصاد، وجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، حيث حصل منها أيضاً على درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد.
عضويات ومهام متعددة
على مدار سنوات خبرته، شغل الدكتور عزام عضوية عدد من المجالس والهيئات المهمة، منها:
مجلس أمناء وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
مجلس إدارة البنك العقاري المصري العربي، حيث ترأس لجنة المخاطر.
مجلس أمناء المركز المصري للتحكيم الاختياري وتسوية المنازعات المالية غير المصرفية.
صندوق دعم الصناعات الريفية.
كما كان عضواً في مجالس إدارات شركات استراتيجية مثل: مصر القابضة للتأمين، الدقهلية للسكر، المصرية للمنتجعات، والشمس للإسكان. هذه التجارب جعلته قريباً من دوائر اتخاذ القرار في قطاعات اقتصادية حيوية.
يحمل الدكتور عزام بكالوريوس الاقتصاد من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وماجستير الاقتصاد من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى جانب ماجستير آخر من جامعة كاليفورنيا. كما حصل على دبلومة في التمويل العقاري من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وأكمل مسيرته بالحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كاليفورنيا، بتخصص الاقتصاد القياسي والتنبؤات الاقتصادية والسياسات النقدية.
مع تولي الدكتور عزام قيادة البورصة المصرية، تطرح الساحة الاقتصادية العديد من التحديات والفرص على حد سواء.
فالأسواق العالمية تشهد تقلبات متسارعة بفعل الأزمات الجيوسياسية وتغير أسعار الطاقة والسلع، وهو ما ينعكس بدوره على حركة الاستثمار في مصر. إضافة إلى ذلك، فإن برنامج الطروحات الحكومية يمثل أحد الملفات الساخنة التي ستكون على أجندة رئيس البورصة الجديد، إذ يُنتظر أن يسهم في توسيع قاعدة الملكية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
كما يُتوقع أن يركز عزام على تعزيز كفاءة نظم التداول وتوسيع قاعدة المتعاملين في السوق، إلى جانب تفعيل أدوات تمويلية جديدة تتماشى مع توجه الدولة نحو الاقتصاد الرقمي والشمول المالي.
بحكم خبرته الأكاديمية والعملية، يملك الدكتور عزام القدرة على المزج بين النظرية والتطبيق، وهو ما يمنحه فرصة لإحداث نقلة نوعية في أداء البورصة المصرية. فإلى جانب خلفيته العلمية المتعمقة في الاقتصاد القياسي والسياسات النقدية، يمتلك خبرة طويلة في التعامل مع المستثمرين المحليين والدوليين، الأمر الذي يجعله مؤهلاً لوضع رؤية استراتيجية شاملة لتطوير السوق.
ويشير مراقبون إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد خطوات جادة لزيادة عمق السوق، وتحفيز الشركات على القيد والتداول، وتوسيع نطاق الأنشطة المرتبطة بسوق المال بما يخدم الاقتصاد القومي، خصوصاً أن الدولة تراهن على البورصة كإحدى أدواتها الرئيسية لجذب الاستثمارات وتنشيط حركة التمويل.
إلى جانب مسيرته المهنية، يمتلك الدكتور عزام رصيداً علمياً من الأبحاث المنشورة في مجلات علمية دولية مرموقة، تناولت قضايا التمويل والاقتصاد القياسي والسياسات النقدية، وهو ما يعكس اهتمامه بالربط بين البحث العلمي وصناعة القرار الاقتصادي.
لا شك أن اختيار الدكتور إسلام عزام لرئاسة البورصة المصرية يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة السوق المالية في مصر، خاصة أنه يجمع بين الخبرة الأكاديمية والعملية، ما يضمن قيادة رشيدة قادرة على مواجهة التحديات وصياغة مستقبل أفضل لسوق المال المصري.
