في إطار زيارته الرسمية إلى الصين للمشاركة في فعاليات قمة "منظمة شنغهاي للتعاون بلس"، التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، برئيس مجلس إدارة شركة هندسة الطاقة الصينية (China Energy Engineering Corporation) السيد ني تشين، حيث جرى استعراض أوجه التعاون القائمة بين مصر والشركة، وخططها المستقبلية للتوسع في السوق المصرية بمجالات الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر.
حضر اللقاء السفير خالد نظمي، سفير مصر لدى الصين، وعدد من مسؤولي الشركة الصينية، وذلك في مدينة تيانجين التي تستضيف القمة.
تاريخ طويل من التعاون
خلال اللقاء، أعرب رئيس الشركة الصينية عن تقديره العميق للحكومة المصرية، مشيرًا إلى أن شركته نفذت 14 مشروعًا في مصر منذ بدء نشاطها عام 2009، في مجالات متنوعة تتعلق بالطاقة والبنية التحتية. وأوضح أن هذه النجاحات دفعت الشركة إلى نقل مقرها الإقليمي إلى القاهرة، وهو ما يعكس ثقتها الكبيرة في السوق المصرية وقدرتها على استيعاب مزيد من الاستثمارات.
وأضاف أن الشركة تتواجد حاليًا في 147 دولة حول العالم، وتمتلك خبرة واسعة وفرق عمل مؤهلة، وهو ما يمكنها من دعم مصر في مشروعاتها الاستراتيجية، خصوصًا في قطاعات الطاقة النظيفة وتحلية المياه.
مليار دولار استثمارات جديدة
كشف رئيس الشركة أن هناك خطة لضخ مليار دولار استثمارات مباشرة في مصر خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف تعزيز مكانة القاهرة كمركز إقليمي لعمليات الشركة في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأكد أن الأولوية ستكون لمشروعات تحلية مياه البحر، وتوليد وتخزين الطاقة المتجددة، إضافة إلى المساهمة في خفض انبعاثات الكربون بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن هناك بالفعل مشاورات قائمة مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر حول مشروعات جديدة في مجال توليد الطاقة، مضيفًا أن الشركة مستعدة لتوطين التكنولوجيا المستخدمة في هذا المجال داخل السوق المصرية، بما يفتح الباب أمام نقل الخبرات وتدريب الكوادر المحلية.
رؤية الحكومة المصرية
من جانبه، أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تقديره لدور الشركة، واصفًا إياها بأنها من كبرى المؤسسات الدولية التي ساهمت في مشروعات قومية كبرى داخل مصر، من بينها مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، وخاصة في حي المال والأعمال، فضلًا عن عدد من مشروعات الطاقة المتجددة.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية لديها خطة واضحة حتى عام 2030 تستهدف الوصول بنسبة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي إنتاج الطاقة. وأكد أن الرؤية الحكومية لا تقتصر فقط على التوسع في مشروعات إنتاج الطاقة، بل تمتد أيضًا إلى تخزين الطاقة باعتبارها عنصرًا حاسمًا لتحقيق الاستدامة.
وأضاف أن مصر تحتاج سنويًا إلى ما يتراوح بين 5 و6 جيجاوات من الطاقة لتغطية الطلب المحلي، إلى جانب خططها الطموحة لتصدير الكهرباء إلى أوروبا، وهو ما يمثل فرصة واعدة للشركة الصينية لتوسيع نطاق شراكاتها في هذا المجال.
تحلية المياه أولوية وطنية
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تستهدف إنتاج نحو 10 ملايين متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنةً بحوالي 1.4 مليون متر مكعب يوميًا فقط حاليًا. كما أوضح أن هناك خطة مستقبلية لزيادة هذا الرقم إلى 30 مليون متر مكعب يوميًا، بما يعزز الأمن المائي لمصر في ظل التحديات التي تواجه الموارد الطبيعية.
وأكد مدبولي أن الدولة تسعى لتوطين صناعة مكونات محطات التحلية في مصر، لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز القدرات المحلية، مشددًا على أن التعاون مع شركة بحجم وخبرة هندسة الطاقة الصينية سيكون له دور محوري في تحقيق هذا الهدف.
دعم استثماري وتيسيرات حكومية
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الحكومة على استعداد لتقديم الحوافز والتيسيرات اللازمة لدعم استثمارات الشركة الصينية في مصر، داعيًا مسؤوليها إلى التواصل المباشر والمستمر مع مجلس الوزراء لضمان سرعة التنسيق مع مختلف الجهات الحكومية ذات الصلة.
وأشار إلى أن التعاون مع هذه الشركة يعكس توجه الدولة نحو جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات الحيوية، بما يدعم خطط التنمية الاقتصادية المستدامة.
التزام مشترك بالمستقبل
من جانبه، اختتم رئيس الشركة الصينية حديثه بالتأكيد على التزام شركته بتعزيز التعاون مع مصر في مجالات الطاقة المتجددة وتحلية المياه وتخزين الطاقة، مستشهدًا بتجارب ناجحة للشركة في عدد من الدول الأخرى، مؤكداً أن مصر مؤهلة لتصبح مركزًا إقليميًا لصناعات الطاقة والتحلية خلال السنوات المقبلة.
خلاصة
اللقاء بين رئيس الوزراء المصري ورئيس شركة هندسة الطاقة الصينية جاء ليعكس جدية الدولة المصرية في تنفيذ مشروعاتها الاستراتيجية بالمياه والطاقة، كما أبرز ثقة كبرى الشركات العالمية في السوق المصرية. ومع توجه الحكومة نحو مضاعفة قدرات تحلية المياه وتوسيع الاعتماد على الطاقة النظيفة، فإن التعاون مع شركات دولية رائدة مثل "China Energy Engineering" يمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل أكثر استدامة.
