في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى الصين ممثلًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي للمشاركة في قمة "منظمة شنغهاي للتعاون بلس" بمدينة تيانجين، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لقاءً مهمًا مع السيد تشو دي فو، رئيس مجلس إدارة شركة تيدا الصينية القابضة، بحضور السفير خالد نظمي، سفير مصر لدى بكين.
يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من الاجتماعات التي يعقدها رئيس الوزراء مع كبريات الشركات الصينية، في ضوء حرص الحكومة على تعزيز التعاون الاقتصادي وجذب الاستثمارات المباشرة في مجالات الطاقة المتجددة، وصناعة السيارات الكهربائية، وتحلية المياه، وغيرها من القطاعات الواعدة.
إشادة متبادلة وتعاون مستمر
في بداية اللقاء، أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تقديره للشراكة الناجحة مع شركة "تيدا"، بوصفها أحد أهم المطورين الصناعيين العاملين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وأكد أن الحكومة المصرية تنظر إلى المنطقة التي تديرها الشركة كنموذج ناجح للاستثمار الأجنبي المباشر، مشيرًا إلى أن النجاحات المحققة خلال السنوات الماضية تدفع نحو التوسع في منح الشركة مناطق إضافية داخل نطاق المنطقة الاقتصادية، بل وفي مدن جديدة مثل العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية.
ولفت مدبولي إلى أنه استعرض خلال لقائه بالرئيس الصيني شي جين بينج دعم القيادة السياسية في الصين للشركات الصينية العاملة بمصر، وعلى رأسها "تيدا"، مؤكدًا أن تنمية المنطقة الصناعية الخاصة بها تمثل أولوية قصوى للحكومة المصرية.
أرقام تعكس حجم الإنجاز
من جانبه، استعرض السيد تشو دي فو أبرز إنجازات الشركة منذ بدء نشاطها في مصر قبل عشر سنوات، موضحًا أن "تيدا" نجحت في جذب 200 شركة للعمل داخل المنطقة الاقتصادية، وضخ 3 مليارات دولار استثمارات مباشرة، إلى جانب دفع 300 مليون دولار كضرائب لخزانة الدولة، فضلًا عن توفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وأكد أن هذه الأرقام تعكس حجم الثقة التي توليها الشركات الصينية للسوق المصرية، مشددًا على أن تيدا تسعى لمواصلة التوسع في مشروعاتها داخل مصر، خصوصًا في ظل الدعم الواضح من الحكومة المصرية لتذليل العقبات وتقديم الحوافز.
قطاعات واعدة للتعاون
شدد رئيس الوزراء على تطلع مصر لجذب استثمارات إضافية من الشركات الصينية، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية، وتصنيع البطاريات، موضحًا أن هذه القطاعات تأتي في قلب أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة. كما أكد أن هناك اهتمامًا خاصًا بمجال تحلية المياه، مشيرًا إلى أن الحكومة وضعت خطة لزيادة إنتاج المياه المحلاة إلى 10 ملايين متر مكعب يوميًا خلال خمس سنوات، وهو ما يفتح المجال لشراكات جديدة مع "تيدا" وغيرها من الشركات الصينية.
وأشار مدبولي إلى أنه من الضروري وضع إطار زمني واضح لتطوير المنطقة الصناعية التابعة للشركة، بما يضمن تحقيق أهداف التوسع على المدى القريب والمتوسط.
توسع مستقبلي ومشروعات جديدة
رئيس الشركة الصينية أوضح أن "تيدا" تتطلع للحصول على مساحات إضافية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتوسيع نطاق الصناعات القائمة وجذب شركات جديدة في قطاعات متنوعة. كما أشار إلى أن هناك تعاونًا قائمًا بالفعل مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مشروعات للطاقة، لافتًا إلى أن تحلية المياه قد تكون ضمن المجالات الجديدة التي يمكن إدراجها في إطار التوسع الصناعي بالمنطقة.
وأضاف أن الشركة تركز أيضًا على مشروعات التنمية الخضراء وتخفيض الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر.
نموذج للتعاون الثنائي
اللقاء بين مدبولي ورئيس "تيدا" لم يكن مجرد اجتماع بروتوكولي، بل عكس الرغبة المتبادلة في تعزيز الشراكة بين مصر والصين على مستوى الاستثمار الصناعي. فالشركة نجحت بالفعل في خلق بيئة أعمال جذبت مئات الشركات، والحكومة المصرية تدرك أن استمرار هذا النجاح يتطلب دعمًا إضافيًا وتسهيلات أكبر.
كما أن دعوة رئيس الوزراء للشركة للعمل في مناطق جديدة مثل العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية، تشير بوضوح إلى أن الحكومة تستهدف الاستفادة من خبرة "تيدا" في إدارة المناطق الصناعية، وتكرار نموذجها الناجح في أماكن أخرى.
خلاصة
تؤكد نتائج اللقاء أن العلاقة الاقتصادية بين مصر والصين تمضي نحو مرحلة أكثر عمقًا، حيث لا تقتصر على جذب استثمارات فقط، بل تمتد إلى نقل الخبرات والتكنولوجيا، وفتح آفاق جديدة في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية وتحلية المياه.
وبينما تواصل الحكومة المصرية جهودها لتحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى مركز صناعي ولوجيستي عالمي، تبقى شركة "تيدا" واحدة من أبرز الشركاء القادرين على لعب دور محوري في تحقيق هذا الهدف، بما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة في المنطقة.
