شهدت العاصمة الإدارية الجديدة احتفالية خاصة نظمها المعهد القومي للاتصالات (NTI) بمقره بمدينة المعرفة، لتخريج دفعة جديدة من برنامج "سفراء الذكاء الاصطناعي – دفعة هيئة قضايا الدولة"، وذلك بحضور الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمستشار عدنان فنجري وزير العدل، وعدد من قيادات الوزارتين والهيئات القضائية المختلفة.
وقد شهدت الفعالية تكريم أكثر من 462 خريجاً من المستشارين والقانونيين التابعين لمختلف الجهات والهيئات القضائية، بعد اجتيازهم البرنامج التدريبي المتخصص في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في المجال القانوني والإداري. ويأتي هذا ضمن رؤية الدولة المصرية لتعزيز القدرات الرقمية للكوادر القضائية وتطوير أدواتها بما يتماشى مع متطلبات العصر.
تعاون مؤسسي لتطوير العمل القضائي
البرنامج التدريبي يعد ثمرة تعاون مشترك بين المعهد القومي للاتصالات، ومركز الدراسات القضائية والتدريب بهيئة قضايا الدولة، ومؤسسة "مهندسون من أجل مصر المستدامة". ويُعد الأكبر من نوعه على مستوى الجمهورية في مجال إعداد وتأهيل الكوادر غير المتخصصة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في القطاعات ذات الطبيعة القانونية والإدارية.
وخلال كلمته في الحفل، أوضح الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات أن تخريج هذه الدفعة يمثل امتداداً لمسيرة تعاون وثيق بين وزارتي الاتصالات والعدل، والذي يشمل بناء القدرات الرقمية وإطلاق مشروعات نوعية لتطويع التكنولوجيا الحديثة لخدمة منظومة العدالة. وأشار الوزير إلى أن التعاون السابق بين الوزارتين أسفر عن إطلاق منظومة التقاضي عن بُعد في الدعاوى الجنائية، والتي اعتمدت على تقنيات الاجتماعات الافتراضية وتحويل النص المنطوق إلى مكتوب عبر نظام طوره مركز الابتكار التطبيقي بوزارة الاتصالات، مؤكداً أن المنظومة مصرية بالكامل وتوفر الوقت والجهد وتعزز كفاءة العمل القضائي.
وأضاف طلعت أن الذكاء الاصطناعي أصبح مجالاً لا يقتصر على المتخصصين فقط، بل ضرورة لجميع الفئات المهنية للاستفادة من إمكاناته في مختلف القطاعات. وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً أوسع في التطبيقات التكنولوجية بما يفتح المجال أمام استخدامات أكثر تنوعاً وفاعلية داخل المؤسسات القضائية والإدارية.
دعم التحول الرقمي في قطاع العدالة
من جانبه، أكد المستشار عدنان فنجري وزير العدل أن البرنامج يشكل خطوة مهمة نحو تمكين الكوادر القضائية من التفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعي واستيعاب تطبيقاته في قراءة النصوص القانونية، وتقدير الوقائع، والتعامل مع الأدلة بما يسهم في تحقيق العدالة الناجزة ورد الحقوق لأصحابها.
وأشار الوزير إلى أن الدولة المصرية تسير بخطوات واثقة نحو التحول الرقمي الشامل في ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، إدراكاً منها بأن الرقمنة لم تعد خياراً بل ضرورة وطنية تفرضها طبيعة العصر. وأكد حرص وزارة العدل على تحديث بنيتها المؤسسية وتطوير خدماتها بما ييسر على المواطنين الحصول على حقوقهم بيسر وشفافية، فضلاً عن إعداد كوادر بشرية مؤهلة للتعامل مع المستجدات التقنية.
محتوى تدريبي متخصص
بدوره، استعرض الدكتور أحمد خطاب مدير المعهد القومي للاتصالات تفاصيل برنامج "سفراء الذكاء الاصطناعي"، موضحاً أنه يستهدف بناء ثقافة عامة لتوظيف هذه التقنيات داخل بيئات العمل المختلفة لزيادة فاعلية الإنسان المصري لا استبداله بالآلة. وأشار إلى أن البرنامج يأتي في إطار الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي تستهدف تمكين أكثر من 36% من المواطنين من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأوضح خطاب أن النسخة المخصصة لهيئة قضايا الدولة تم تصميمها لتعزيز قدرات القضاة والمستشارين على التعامل مع متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي، وأنها تمثل الانطلاقة الأولى نحو إعداد برامج متخصصة لكل قطاع على حدة. وأكد أن البرنامج التدريبي تضمن 36 ساعة تدريبية مكثفة إضافة إلى مشروع عملي تطبيقي مدته أربع ساعات، وتناول موضوعات متقدمة تشمل التطبيقات التكنولوجية الحديثة مثل ChatGPT وOpenAI وDeepSeek، فضلاً عن مناقشة التحديات الأخلاقية والتشريعية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال القضائي.
نتائج ملموسة وتوسّع في التدريب
وأشار مدير المعهد إلى أن البرنامج شهد منذ إطلاقه في نهاية العام الماضي تخريج نحو 642 مستشاراً وقاضياً في الدفعات السابقة، ليصل العدد الإجمالي للخريجين حتى الآن إلى أكثر من 1100 من أصل 5000 متدرب اجتازوا المراحل المختلفة للبرنامج. وأكد أن خريجي دفعة هذا العام أصبحوا مؤهلين لتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تطوير الأداء المؤسسي وتحقيق الكفاءة داخل بيئة العمل القضائي.
تكريم الخريجين وتأكيد الاستمرارية
وفي ختام الاحتفالية، جرى تكريم المستشارين والقانونيين الذين أنهوا متطلبات البرنامج بنجاح، وسط تأكيد من الوزارتين على استمرار هذا التعاون وتطويره ليشمل برامج متخصصة جديدة تخدم مختلف القطاعات.
ويعكس هذا الحدث التوجه المصري نحو تعزيز التحول الرقمي في قطاع العدالة، باعتباره أحد الركائز الرئيسية لتحقيق الشفافية والسرعة في إنجاز القضايا، وإرساء منظومة قضائية متطورة تواكب العصر وتدعم حقوق المواطنين.
