شهدت القاهرة صباح اليوم انطلاق فعاليات الدورة الرابعة لمنتدى المجتمع الأخضر، بحضور وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق، الذي أكد خلال كلمته أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر لم يعد خيارًا ثانويًا، وإنما ضرورة ملحة تمثل ركيزة أساسية في استراتيجيات التنمية الوطنية والدولية على حد سواء.
المنتدى الذي جاء هذا العام تحت شعار «حضارة ملهمة لتنمية مستدامة» انعقد برئاسة المهندس عبدالسلام الجبلي رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، وبمشاركة عدد كبير من المسؤولين والخبراء والبرلمانيين، من بينهم النائب فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، واللواء هشام الحصري رئيس لجنة الزراعة والري. كما حضره ممثلون عن القطاع الخاص والمجتمع المدني وعدد من المؤسسات الدولية المعنية بقضايا البيئة والتنمية.
وقال الوزير فاروق في كلمته الافتتاحية إن مصر تسير بخطى ثابتة نحو بناء نموذج وطني يوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مستشهدًا بتجارب الحضارة المصرية القديمة التي كانت سباقة في مجالات الري والزراعة والعمارة المستدامة. وأوضح أن الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تسعى لتكرار هذا الإرث الحضاري لكن برؤية عصرية تعتمد على الابتكار، الطاقة النظيفة، وتطبيقات الاقتصاد الأخضر.
وأشار فاروق إلى أن التغيرات المناخية وما يصاحبها من تصحر ونقص في الموارد تمثل تحديًا عالميًا، ما يفرض على الدول ضرورة التعاون من أجل إيجاد حلول عملية. وأضاف أن مصر تعمل في هذا السياق على تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية، ورفع كفاءة إنتاجها الزراعي، إلى جانب الالتزام بالمعايير البيئية الأوروبية والدولية، مما يعزز مكانة الصادرات المصرية ويمنحها القدرة على المنافسة عالميًا.
وتابع وزير الزراعة موضحًا أن المنتدى يشكل منصة للحوار المفتوح بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بما يسمح بطرح رؤى مبتكرة لمستقبل أكثر استدامة، لافتًا إلى أن مشاركة القطاع الخاص باتت ضرورة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصًا مع تزايد الحاجة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة والمشروعات الزراعية الخضراء.
كما شدّد على أهمية التمويل المستدام ودوره في دعم الاقتصاد الأخضر، مشيرًا إلى أن مصر تسعى للاستفادة من التمويلات الدولية الموجهة للمشروعات الصديقة للبيئة، من خلال مشروعات قومية تستهدف ترشيد استهلاك المياه، وتطوير نظم الري، والتوسع في الزراعة الذكية.
من جانبه، أوضح المهندس عبدالسلام الجبلي أن المنتدى يمثل فرصة مهمة لتبادل التجارب الناجحة التي حققتها شركات القطاع الخاص في مجال الاستدامة، مؤكدًا أن دمج الاعتبارات البيئية في السياسات الاقتصادية لم يعد رفاهية بل أصبح شرطًا رئيسيًا للنمو.
وتناولت جلسات المنتدى عددًا من المحاور المهمة، أبرزها التشريعات اللازمة لدعم الاقتصاد الأخضر، وأهمية الطاقة النظيفة في المرحلة المقبلة، بجانب مناقشات حول مستقبل الاستثمار الزراعي وسبل تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية دون الإضرار بالبيئة. كما تمت الإشارة إلى قصص نجاح لعدد من الشركات المصرية التي استطاعت تطبيق مبادئ الاقتصاد الأخضر وتحقيق نتائج ملموسة في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية.
المنتدى في نسخته الرابعة حمل بعدًا توعويًا أيضًا، حيث ركز على نشر ثقافة المجتمع الأخضر بين المواطنين، من خلال إطلاق محتوى رقمي يستهدف تعريف الأجيال الجديدة بأهمية الحفاظ على البيئة، والارتباط الوثيق بين الاستدامة وجودة الحياة.
وفي ختام كلمته، شدّد وزير الزراعة على أن مصر ماضية في طريقها نحو مستقبل أخضر يلهم العالم، ويحقق معادلة التنمية الاقتصادية دون الإضرار بالموارد الطبيعية، مؤكدًا أن هذا التوجه يحظى بدعم القيادة السياسية وإرادة قوية من الشعب المصري الذي أثبت عبر تاريخه قدرته على مواجهة التحديات وبناء حضارة راسخة الجذور.
وبذلك، يرسخ المنتدى الأخضر مكانته كأحد أبرز الفعاليات الوطنية التي تجمع بين صناع القرار والقطاع الخاص والخبراء والمجتمع المدني، بهدف صياغة خريطة طريق واضحة المعالم نحو اقتصاد أخضر متكامل يضع مصر في صدارة الدول الساعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
