في خطوة جديدة نحو تعزيز التحول الصناعي الأخضر وتوسيع الاعتماد على الطاقة النظيفة، شهد المهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال العام، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مراسم توقيع خطابات نوايا لتمويل مشروع "دندرة" للطاقة الشمسية المخصص لتغذية مجمع شركة مصر للألومنيوم في نجع حمادي بمحافظة قنا، وذلك بمشاركة السفير النرويجي بالقاهرة إيريك هوسيم، وعدد من ممثلي مؤسسات التمويل الدولية.
ويأتي المشروع في إطار توجه الدولة لتطبيق استراتيجية التحول إلى الطاقة النظيفة وتخفيض الانبعاثات الكربونية في الصناعات الثقيلة، دعمًا لخطط التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، وتنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بدعم المشروعات التي تعزز تنافسية المنتج المصري عالميًا.
شراكة دولية وتمويل متنوع
تم توقيع خطابات النوايا بين شركة دندرة للطاقة الشمسية، التابعة لشركة سكاتك النرويجية، من جانب، وكل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) والبنك الأفريقي للتنمية (AfDB) والبنك الأوروبي للاستثمار (EIB) من جانب آخر، بهدف تمويل وإنشاء محطة شمسية لإنتاج الكهرباء النظيفة تغذي مجمع مصر للألومنيوم بجزء كبير من احتياجاته.
ووفقًا للاتفاق، ستتولى شركة Scatec ASA تنفيذ وتشغيل المشروع لمدة 25 عامًا، على أن يغطي المشروع نحو 30% من احتياجات المصنع من الكهرباء، ما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة مماثلة، ليصبح أحد أول المشروعات الصناعية في المنطقة التي تستهدف إزالة الكربون على نطاق واسع.
وزير قطاع الأعمال: نقلة نوعية للصناعة المصرية
وأكد المهندس محمد شيمي أن مشروع دندرة يمثل نقلة نوعية حقيقية في صناعة الألومنيوم المصرية، مشيرًا إلى أنه سيُسهم في خفض التكاليف التشغيلية وتعزيز القدرة التنافسية للمُنتج المصري في الأسواق العالمية.
وأوضح أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع وزارتي الكهرباء والبيئة على توسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة داخل المصانع التابعة للدولة، بما يعكس التزام الحكومة بتقليل البصمة الكربونية في القطاع الصناعي.
وأضاف الوزير أن المشروع يُعد خطوة رائدة نحو تحويل مجمع مصر للألومنيوم إلى نموذج صناعي صديق للبيئة، قادر على المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل تطبيق آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية (CBAM) التي تفرض قيودًا على الصناعات كثيفة الانبعاثات.
وأشار إلى أن أكثر من 50% من إنتاج الشركة يُوجَّه للتصدير، ومن ثم فإن هذا التحول إلى الطاقة النظيفة يُعد ضرورة استراتيجية لضمان استمرار النفاذ إلى الأسواق الأوروبية دون عقبات تنظيمية أو بيئية.
كما وصف الوزير الشراكة مع سكاتك والمؤسسات التمويلية الدولية بأنها دليل على الثقة العالمية في الاقتصاد المصري، مؤكدًا أن الوزارة مستمرة في دعم التعاون بين القطاعين العام والخاص لجذب الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الأخضر.
المشاط: 4 مليارات دولار لتمويل الطاقة النظيفة ضمن "نوفّي"
من جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط أن مشروع دندرة للطاقة الشمسية يأتي ضمن المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء "نُوفّي"، التي تستهدف زيادة إنتاج مصر من الطاقة المتجددة بنحو 10 جيجاوات بحلول عام 2028.
وأضافت أن المشروع الجديد يُعد نموذجًا واضحًا للتعاون بين الحكومة وشركاء التنمية الدوليين والقطاع الخاص في تنفيذ مشروعات طاقة مستدامة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وخفض الانبعاثات.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى أن القطاع الخاص حصل على تمويلات تجاوزت 4 مليارات دولار من مؤسسات التمويل الدولية لتنفيذ مشروعات بقدرة إجمالية تصل إلى 4.2 جيجاوات ضمن البرنامج ذاته، موضحة أن هذه التمويلات الميسرة تُسهم في تسريع تنفيذ مشروعات الطاقة النظيفة في مصر وتعزيز استقرار الشبكة القومية للكهرباء.
كما أكدت المشاط أن مشروع دندرة لن يخدم فقط قطاع الألومنيوم، بل يُمثل نموذجًا للتكامل بين الصناعة والطاقة المتجددة، ما يعزز مكانة مصر كدولة رائدة في مجال التحول الأخضر على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا.
ولفتت إلى أن نجاح المشروع سيفتح الباب أمام تنفيذ مشروعات مماثلة في قطاعات صناعية أخرى، مثل الأسمدة والحديد والبتروكيماويات، ضمن خطة الدولة للتحول إلى الصناعات منخفضة الانبعاثات.
تعزيز موقع مصر في التحول الصناعي الأخضر
ويرى خبراء الصناعة والطاقة أن مشروع دندرة يعكس تحولًا مهمًا في مسار التنمية الصناعية في مصر، من خلال الدمج بين الإنتاج الصناعي والطاقة المتجددة، بما يضمن استدامة النمو وتقليل التأثير البيئي.
كما يُتوقع أن يسهم المشروع في خفض تكاليف الإنتاج وتحسين الميزان التجاري عبر تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة في مجالات التشغيل والصيانة وإدارة مشروعات الطاقة الشمسية.
واختتم الوزير محمد شيمي تصريحاته بالتأكيد على أن مشروع دندرة يمثل خطوة حقيقية نحو المستقبل الصناعي الأخضر، ويضع مصر على خريطة الدول الرائدة في مشروعات إزالة الكربون الصناعي، بما يعزز موقعها كمركز إقليمي للطاقة المتجددة والصناعة المستدامة.
