في إطار توجه الدولة المصرية نحو تعميق الصناعة المحلية وتوطين التكنولوجيا في القطاعات الاستراتيجية، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم اجتماعًا موسعًا بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة مع السيد ليو تشنج جون، نائب رئيس مجموعة "سيتك" الصينية العملاقة، لبحث فرص الشراكة في إنشاء مصنع ضخم لتصنيع مكونات محطات تحلية مياه البحر بتقنية التناضح العكسي "ممبرين".
حضر اللقاء المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وعدد من قيادات الوزارة، إلى جانب ممثلين عن شركتي "إنكوم" و"سيتك للإنشاءات"، الذراع التنفيذية لمجموعة "سيتك"، إضافة إلى الدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان، والمهندس أحمد عمران، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية للمرافق.
في مستهل اللقاء، رحّب رئيس الوزراء بالوفد الصيني، مشيدًا بالنجاحات التي حققتها الشركات الصينية في تنفيذ مشروعات البنية التحتية في مصر خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن الشراكات المصرية – الصينية أثبتت جدارتها في مختلف المجالات، وأن الحكومة تسعى إلى توسيع نطاق التعاون مع الشركات الكبرى ذات الخبرة الواسعة مثل مجموعة "سيتك".
وخلال الاجتماع، استعرض نائب رئيس مجموعة "سيتك" الصينية أنشطة المجموعة التي تأسست قبل 40 عامًا وتعمل في أكثر من 250 دولة حول العالم، موضحًا أن حجم استثماراتها يتجاوز 1.7 تريليون دولار، ويعمل بها نحو 234 ألف موظف. وأشار إلى أن الشركة تنشط في مجالات التمويل والتأمين والتعدين والبنية التحتية والطاقة والنقل والزراعة، إلى جانب امتلاكها خبرة متقدمة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه.
وأوضح ليو تشنج جون أن المجموعة تسعى للدخول في شراكة استراتيجية مع الحكومة المصرية لإقامة مصنع متكامل لتصنيع مكونات محطات التحلية داخل مصر، مؤكدًا استعداد "سيتك" لتوفير التمويل الكامل للمشروع والمشاركة في تشغيله مع شركاء محليين. كما طرح إمكانية التعاون في مجالات أخرى مثل تشغيل منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية وإدارة المطارات المصرية.
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة ترحب بعرض مجموعة "سيتك"، خاصة وأن مشروع تصنيع مكونات محطات التحلية يمثل أولوية في المرحلة الحالية، في ظل خطة الدولة للتوسع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر لتأمين احتياجات المحافظات الساحلية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة تستهدف الوصول بإجمالي طاقة إنتاج المياه المحلاة إلى 5 ملايين متر مكعب يوميًا خلال خمس سنوات، مع خطة طموحة لرفع الإنتاج إلى 10 ملايين متر مكعب يوميًا على المدى المتوسط، وهو ما يستلزم إقامة مصانع محلية لتوفير المكونات بدلاً من استيرادها من الخارج.
وشدد مدبولي على أن توطين صناعة التحلية سيقلل من تكلفة إنشاء المحطات الجديدة ويوفر فرص عمل كبيرة للمهندسين والفنيين، فضلًا عن رفع كفاءة التشغيل والصيانة. وأضاف أن الحكومة مستعدة لتخصيص الأراضي اللازمة وتقديم جميع التيسيرات المطلوبة لضمان سرعة تنفيذ المشروع، مؤكداً أن مصر تمتلك مقومات تجعلها مركزًا إقليميًا لتكنولوجيا تحلية المياه.
كما وجه رئيس الوزراء وزير الإسكان بعقد اجتماع عاجل مع مسؤولي المجموعة الصينية لوضع تصور متكامل لمكونات المشروع والجدول الزمني للتنفيذ، تمهيدًا لعرضه عليه في أقرب وقت، مشيرًا إلى أن هذا المشروع سيكون نواة لصناعة جديدة داخل السوق المصري.
وفي ختام اللقاء، أبدى نائب رئيس مجموعة "سيتك" تقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكدًا أن المجموعة تعتبر السوق المصري من أهم الأسواق الواعدة في الشرق الأوسط، وأنها ترى في التعاون مع الحكومة المصرية فرصة استراتيجية طويلة الأجل.
وأشار إلى أن المجموعة ستعمل على نقل خبراتها الفنية إلى الكوادر المصرية، بما يسهم في بناء قدرات وطنية في مجال تكنولوجيا تحلية المياه والطاقة المتجددة، مؤكدًا استعداد "سيتك" لبدء الخطوات التنفيذية فور الانتهاء من الدراسات الفنية والاقتصادية للمشروع.
ويأتي هذا اللقاء في إطار سعي الحكومة المصرية لتوسيع قاعدة التصنيع المحلي في القطاعات الحيوية، بما يتماشى مع "رؤية مصر 2030" التي تستهدف تحقيق الأمن المائي عبر مشروعات التحلية، وإحلال الواردات بمنتجات محلية عالية الجودة تسهم في تقليل الضغط على العملة الأجنبية وتعزز تنافسية الصناعة الوطنية.
