في ناس عايشة ليها أكتر من وش، بتغيّر كلامها حسب اللي قدامها، وبتبدّل قناعها حسب مصلحتها.. هؤلاء الناس يملكون قناع للمصلحة، وقناع للونس، وقناع وقت القوة، وآخر وقت الضعف.. وهؤلاء يصح وصفهم بالمنافقين.
والحقيقة أن هؤلاء الناس مش بيخدعوا كل من يتعاملوا معهم بقدر ما يخدعوا أنفسهم.. وإن كان هناك فيه مُنافق واعي بيمثّل الدور كاملا، ومرتاح، شايف إنه أذكى من الكل، وبيعيش حياته على مبدأ "الغاية تُبرر الكذب".
وهناك أيضا مُنافق عاقل، بيجامل بإفراط، ويتلوّن من غير ما يحس، يضحك في وشك، ويشك في نيتك، ويمشي يقول عنك كلام في ضهرك..
والأخطر من كل ده، هذا الشخض الذي صدّق كذبته وآمن بها وكون حولها قناعة، وتخيل أن الطيبة عيب، وإن المكر ذكاء، وإن الوشوش المزيفة نوع من الذكاء الاجتماعي.. نسي هذا الشخص أن القلب اللي بيغش، عمره ما يرتاح ابدا، وانه كدة بيضيع نفسه بنفسه..
هؤلاء الناس حياتهم مش سهلة خالص، فهم يرهقوا أنفسهم علشان يصعبوا الحياة علي انفسهم قبل ما يصعبوها على كل المحيطين بهم.. هم أشخاص عايشين بالشك وسوء الظن والأذية وأمراض القلوب.. وربّك مطلع، وأنه يمهلهم لحكمة، حتي يأتي اليوم الذي يكتشف الجميع حقيقتهم وتتكشف كل الحقايق: لقوله تعالي في سورة الحاقة: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾. صدق الله العظيم.
وفي الآخرة، لا يستطيع أي أحد أن ينجو بكذبه، والمواقف كلها ستعرض بدون مونتاج، ولا قلْب للحقائق، ولا إستعراض بالكلام.. ومن ثم فإن الشخص الذي عاش بوجه مزيف، سيقف أمام رب العالمين الذي لا ينخدع أبدا، ووقتها لا ينفع المنافق تمثيل ولا تبرير، وسيسمعها صريحة من رب الكون كما قال الله تعالي في سورة النساء: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّار" صدق الله العظيم.
لذلك نقولها للكافة: ضروري تكونوا بوش واحد حتي لو تغير الناس كلهم وتبدلت وجوههم بسبب الظروف.. خصوصا ان الله تعالي لا يحاسب العبد علي عدد اللي احبوه في الدنيا لكنه يحاسب العبد عن صدقه مع الآخرين ومع النفس .. ويوم القيامة صاحب الألف وش مش هيلاقي وش واحد يقابل به رب السموات والأرض.
الكاتب: د. هبة حسن مدير العيادات بفرع التأمين الصحي بني سويف
