أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن مصر تتجه نحو مرحلة جديدة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تقوم على تحقيق توازن تجاري قائم على الاستثمار وتعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص، مشيراً إلى أن التعاون الصناعي بين الجانبين أصبح ضرورة استراتيجية في ظل التحولات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر وسلاسل القيمة المستدامة.
جاء ذلك خلال مشاركة الوزير في الجلسة الثانية رفيعة المستوى بعنوان «تعزيز القدرة التنافسية الصناعية وسلاسل القيمة المستدامة»، ضمن فعاليات القمة المصرية الأوروبية المنعقدة في العاصمة البلجيكية بروكسل، والتي تناولت سبل دفع التعاون المصري الأوروبي نحو بناء صناعات مستقبلية تحقق النمو المستدام وتجذب الاستثمارات العامة والخاصة.
وأدارت الجلسة السفيرة أنجلينا إيتشهورست، رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، بحضور عدد من كبار المسؤولين الأوروبيين والمصريين، من بينهم مارك بومان نائب رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، وديت يويل-يورجنسن المديرة العامة للطاقة بالمفوضية الأوروبية، والمهندس محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، وهانس جاكوب هيجه المدير المالي لشركة «سكاتك» للطاقة.
وفي كلمته، أوضح المهندس حسن الخطيب أن الحكومة المصرية تنفذ استراتيجية شاملة لتقوية الصناعات الوطنية وتعميق التصنيع المحلي، خصوصاً في مجالات الطاقة النظيفة وتحلية المياه والمكونات التكنولوجية المرتبطة بها، مشيراً إلى أن هذا التوجه يأتي في إطار خطة الدولة للانتقال إلى نموذج اقتصادي متوازن يجمع بين النمو الصناعي والحفاظ على البيئة.
وأضاف أن مصر تمتلك فرصاً غير مسبوقة لتصبح مركزاً محورياً لإنتاج وتصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا، موضحاً أن إمكانات البلاد في إنتاج مئات الجيجاوات من الطاقة الشمسية والرياح تفتح آفاقاً واسعة للاستثمار في مشروعات الهيدروجين الأخضر والوقود المستدام.
ولفت الوزير إلى أن الحكومة وضعت إطاراً مالياً منضبطاً يضمن استدامة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، مع تحفيز مشاركة القطاع الخاص في تمويل وتوسيع شبكات النقل والطاقة، مؤكداً أن تحقيق النمو الصناعي يتطلب شراكات استثمارية متوازنة تعزز من تكامل سلاسل القيمة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي.
وأشار الخطيب إلى أن اتفاقية SIFA بين مصر والاتحاد الأوروبي تمثل نقطة انطلاق جديدة لتيسير الاستثمار، إلى جانب الاستفادة من اتفاقية منظمة التجارة العالمية لتيسير التنمية، موضحاً أن هذه الآليات توفر بيئة تشريعية ومؤسسية داعمة لجذب المزيد من الاستثمارات النوعية.
من جانبه، أكد مارك بومان نائب رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجالات الطاقة المتجددة والصناعة النظيفة يبرهن على جدية الطرفين في تحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن مشروع بنبان للطاقة الشمسية يعد نموذجاً يحتذى به في الشراكة الفعالة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وأضاف بومان أن البنك الأوروبي يواصل دعمه لمصر في مشروعات البنية التحتية والتحول الأخضر، معتبراً أن الإصلاحات التي تنفذها الحكومة المصرية في مجالات التمويل والطاقة والنقل تعزز ثقة المستثمرين الدوليين في السوق المصرية.
وفي السياق نفسه، أوضح هانس جاكوب هيجه، المدير المالي لشركة SCATEC النرويجية، أن الشركة تنفذ في مصر مشروعات طاقة هجينة تتجاوز قدرتها الإجمالية جيجاوات واحد، من خلال دمج أنظمة الطاقة الشمسية مع البطاريات لتوفير الكهرباء على مدار الساعة، مؤكداً أن هذه المشروعات تضع مصر على خريطة الدول الرائدة في مجال الطاقة النظيفة بالمنطقة.
من جانبه، أكد المهندس محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، أن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تمثل فرصة لتعميق التصنيع المحلي في مجالات السيارات، والمعدات الكهربائية، والدواء، والطاقة، مشيراً إلى أن خطة مصر الوطنية للطاقة تستهدف رفع نسبة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة إلى 30% بحلول عام 2030.
وشدد السويدي على ضرورة الإسراع في تطوير شبكات الربط الكهربائي بين مصر ودول أوروبا، بما يسهم في تحقيق التكامل الإقليمي للطاقة، ويعزز من تنافسية الصناعات المصرية في الأسواق الخارجية.
واختتمت الجلسة بالتأكيد على أهمية الانتقال من مرحلة التبادل التجاري التقليدي إلى بناء شراكة صناعية حقيقية بين مصر والاتحاد الأوروبي، تقوم على تطوير سلاسل القيمة المستدامة، وتدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، بما يحقق النمو الشامل ويدعم الأمن الصناعي والغذائي للطرفين.
كما شدد المشاركون على أن مصر تمتلك المقومات الاقتصادية والبشرية اللازمة لتكون محوراً رئيسياً في سلاسل الإنتاج الأوروبية والإفريقية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مشروعات مشتركة جديدة تعزز مكانة القاهرة كمركز إقليمي للتصنيع والاستثمار المستدام.
