في إطار تنامي التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، شارك المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، في أعمال القمة المصرية الأوروبية التي عُقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل، بحضور رفيع المستوى من الجانبين، لبحث فرص تعزيز الاستثمارات المشتركة ودعم جهود التحول الصناعي والتنمية المستدامة.
القمة التي استضافتها المفوضية الأوروبية شهدت مشاركة وزراء الخارجية، والتعاون الدولي، وعدد من كبار المسؤولين المصريين والأوروبيين، إلى جانب ممثلي مؤسسات التمويل الدولية، حيث ناقش الحضور سبل دفع التعاون الاقتصادي والتنموي، وتوسيع مجالات الشراكة بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
وخلال كلمته، أكد الوزير حسن الخطيب أن مصر تشهد طفرة غير مسبوقة في بنيتها التحتية خلال السنوات العشر الماضية، باستثمارات تجاوزت 500 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذه الطفرة جاءت نتيجة توجيهات القيادة السياسية نحو تحديث شامل يهدف إلى جذب الاستثمارات وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري.
وأوضح أن هذه الاستثمارات شملت تنفيذ مشروعات قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والجلالة، إلى جانب تطوير شبكة الطرق القومية بأطوال تجاوزت 7000 كيلومتر، وإنشاء منظومة نقل حديثة تضم القطار الكهربائي والقطار السريع والمونوريل ومترو الأنفاق، فضلًا عن تطوير الموانئ والمطارات لتصبح مصر مركزًا لوجستيًا محوريًا في المنطقة.
وأشار الخطيب إلى أن البرنامج الإصلاحي المصري يقوم على أربعة محاور رئيسية، أولها السياسة النقدية التي انتقلت إلى نظام استهداف التضخم، مما ساعد على خفض معدلات التضخم من 28.5% في منتصف 2024 إلى نحو 11.6% في الربع الثاني من 2025، مؤكدًا أن ذلك انعكس بشكل إيجابي على ثقة المستثمرين واستقرار الأسواق.
أما المحور الثاني، بحسب الوزير، فيتعلق بالإصلاح المالي الذي يستهدف تحقيق توازن مستدام في الموازنة العامة عبر تبني 20 إجراءً لإصلاح النظام الضريبي، بما يخفف الأعباء عن المستثمرين ويعزز التحول الكامل نحو الرقمنة في المعاملات الضريبية. كما أشار إلى أن الحكومة تعمل على توسيع قاعدة الإيرادات من خلال تحسين التحصيل الإلكتروني وتطبيق سياسات أكثر عدالة وشفافية.
وتناول الوزير في حديثه السياسة التجارية الجديدة التي تنتهجها الدولة، موضحًا أنها تهدف إلى وضع مصر بين أفضل 50 دولة في التجارة العالمية خلال ثلاث سنوات، والوصول إلى المراتب العشرين الأولى بحلول عام 2030. وأضاف أن الحكومة تعمل على خفض الإجراءات الجمركية بنسبة تصل إلى 90% لتقليل الوقت والتكلفة أمام المستثمرين، مع تعزيز الصادرات وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي.
كما شدّد الخطيب على أن التحول في دور الدولة من المشغل إلى المنظم أصبح ضرورة لتحقيق النمو المستدام، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل من خلال وحدة حوكمة القطاع الاقتصادي الحكومي على إعادة هيكلة الأصول المملوكة للدولة، ودعم برنامج الطروحات العامة بما يضمن مشاركة أوسع للقطاع الخاص في التنمية، دون الإخلال بدور الدولة في القطاعات الاستراتيجية.
وأكد الوزير أن مصر ماضية في تطبيق منظومة الإصلاح المؤسسي عبر تطوير الإطار التشريعي وتحسين بيئة الاستثمار، موضحًا أن إطلاق المنصة الموحدة للتراخيص التي تضم أكثر من 460 خدمة من 41 جهة حكومية يُعد خطوة محورية لتقليل البيروقراطية وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
وأشار الخطيب إلى أن مصر تلتزم بتطبيق معايير جاهزية الأعمال (B-READY) التي أطلقها البنك الدولي، وتعمل على تنفيذ 209 إصلاحات اقتصادية وتنظيمية ضمن هذا الإطار، مؤكدًا أن 63% منها سيتم الانتهاء منه خلال الأشهر المقبلة، ما يسهم في رفع ترتيب مصر في مؤشرات التنافسية العالمية.
وفي سياق متصل، أوضح الوزير أن الإصلاحات الجمركية الأخيرة ساهمت في تقليص زمن الإفراج عن البضائع من 16 يومًا في يونيو 2024 إلى أقل من 6 أيام في منتصف 2025، نتيجة تطبيق أكثر من 20 إجراءً لتسريع التخليص، مما وفر على الاقتصاد ملايين الدولارات وخفّض التكاليف التشغيلية على المستثمرين.
كما أشاد الخطيب بعمق العلاقات المصرية الأوروبية، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لمصر، حيث تستحوذ الصادرات المصرية إلى أوروبا على نسبة كبيرة من إجمالي الصادرات، في حين تواصل الاستثمارات الأوروبية التدفق إلى السوق المصرية بقطاعات الصناعة والطاقة والخدمات والبنية التحتية.
وفي ختام كلمته، شدّد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية على أن رؤية مصر الاقتصادية ترتكز على بناء اقتصاد تنافسي عالمي منفتح، قادر على جذب الاستثمارات الدولية وتحقيق نمو مستدام، مؤكدًا أن الدولة تسعى لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للتجارة والصناعة، من خلال موقعها الجغرافي الفريد، وشبكة اتفاقياتها التجارية، وقوتها البشرية المؤهلة، وبنيتها التحتية المتطورة.
وأكد الخطيب أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التعاون المصري الأوروبي في مجالات الطاقة المتجددة، والصناعات الخضراء، وسلاسل الإمداد، بما يسهم في تحقيق مصالح مشتركة تدعم النمو الاقتصادي الإقليمي وتفتح آفاقًا جديدة أمام الاستثمار في مصر.

