عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، اجتماعًا موسعًا لمتابعة تنفيذ المشروع القومي لضبط نهر النيل، وذلك في إطار جهود الدولة المستمرة لحماية المجرى المائي من التعديات وضمان استدامة الموارد المائية، باعتبار نهر النيل شريان الحياة الرئيسي لمصر ومصدرها الأول للمياه العذبة.
وشارك في الاجتماع الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، والمهندس حسام طاهر، رئيس قطاع حماية وتطوير نهر النيل، والدكتور أحمد مدحت، رئيس قطاع مكتب الوزير، والدكتور حسام السرساوي، مدير معهد بحوث النيل.
وفي مستهل الاجتماع، أكد رئيس مجلس الوزراء أن الدولة تولي اهتمامًا بالغًا بملف ضبط نهر النيل، بوصفه أحد المحاور الرئيسية ضمن الجيل الثاني من منظومة الري المصرية الحديثة، مشيرًا إلى أن المشروع يأتي استكمالًا لجهود الدولة في تطوير شبكة الري، وتحسين كفاءة استخدام المياه، وتطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية بما يتوافق مع أهداف “رؤية مصر 2030”.
وأوضح مدبولي أن نهر النيل ليس مجرد مجرى مائي، بل هو عنصر أساسي في تحقيق الأمن المائي والغذائي، لافتًا إلى أن الحكومة تتعامل مع قضية التعديات على النهر بمنتهى الجدية، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة الحفاظ على مجرى النهر وإزالة أي مظاهر تعدٍ أو ردم أو إشغال تؤثر على تدفق المياه أو تقلل من كفاءتها.
وخلال الاجتماع، استعرض الدكتور هاني سويلم تقريرًا مفصلًا حول آخر تطورات تنفيذ المشروع القومي لضبط النيل، موضحًا أن الوزارة تعمل وفق خطة متكاملة تشمل الرصد اللحظي للمجرى المائي باستخدام الأقمار الصناعية وتقنيات التصوير الجوي، إلى جانب تحديث الخرائط الطبوغرافية والباثيمترية لجوانب وقاع النهر، لتحديد مواقع التعديات بدقة وتقدير تأثيرها على حركة المياه.
وأضاف الوزير أن مشروع “ضبط النيل” لا يقتصر على الإزالة الفورية للتعديات، بل يمتد ليشمل إعادة تأهيل وتطوير الجسور والمماشي النيلية بما يتوافق مع النماذج القياسية التي أعدتها الوزارة، لضمان تحقيق التوازن بين التنمية العمرانية والحفاظ على القطاع المائي للنهر.
وأشار سويلم إلى أن المشروع يستهدف أيضًا استعادة القدرة الاستيعابية للمجرى المائي، بما يسمح باستيعاب أي تغيرات مناخية أو هيدرولوجية مستقبلية قد تؤثر على تدفق المياه، مضيفًا أن الوزارة تنسق بشكل مستمر مع المحافظات والجهات التنفيذية المختلفة لتنفيذ حملات إزالة موسعة في المناطق التي تشهد تعديات متكررة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين.
وفي هذا السياق، أوضح الوزير أن محاور المشروع القومي الثلاثة تشمل:
1. إنتاج خرائط رقمية دقيقة لتحديد شكل قاع النهر وجوانبه باستخدام تقنيات المسح الحديثة.
2. حصر ورفع الأملاك العامة وأراضي طرح النهر والتأكد من استخدامها في الأغراض القانونية المقررة فقط.
3. إزالة كافة أشكال التعديات والإشغالات التي تؤثر على تدفق المياه أو تشكل خطورة على الجسور النيلية.
وأكد الوزير أن الوزارة تنفذ عمليات المتابعة الميدانية على مدار الساعة، من خلال فرق فنية متخصصة داخل قطاع حماية وتطوير نهر النيل، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات مركزية لتجميع كل المعلومات المتعلقة بحركة المياه ومستوى التعديات وتطورات الإزالة أولًا بأول.
وخلال المناقشات، وجه رئيس مجلس الوزراء بتكثيف التنسيق بين وزارة الموارد المائية والري من جهة، والمحافظات والأجهزة الأمنية من جهة أخرى، لضمان الإزالة الفورية لأي تعديات جديدة، وعدم السماح بعودة أي مخالفات سبق التعامل معها، مؤكدًا أن حماية نهر النيل مسؤولية وطنية مشتركة.
كما شدد مدبولي على أهمية التوعية المجتمعية في هذا الملف، مشيرًا إلى أن نجاح المشروع القومي لضبط النيل لا يعتمد فقط على الإجراءات الحكومية، بل يحتاج أيضًا إلى وعي المواطنين بخطورة التعدي على النهر، سواء بالبناء أو الردم أو الصرف المخالف، لما تمثله هذه الممارسات من تهديد مباشر للأمن المائي.
وأشاد رئيس الوزراء خلال الاجتماع بالجهود التي تبذلها وزارة الري في مجال تطوير المنظومة المائية، لافتًا إلى أن ما تحقق خلال السنوات الماضية من مشروعات قومية كبرى في مجالات تبطين الترع وتحديث أنظمة الري واستعادة مجرى النهر، يعكس الإرادة الجادة للدولة في إدارة مواردها المائية بكفاءة عالية.
واختتم مدبولي الاجتماع بالتأكيد على أن الحكومة مستمرة في تنفيذ المشروع القومي لضبط نهر النيل وفق جدول زمني محدد، مع متابعة دورية لمعدلات التنفيذ ونتائج الإزالة، مشددًا على أن الحفاظ على مجرى النهر مسؤولية وطنية تتطلب تعاون جميع الجهات، وأن أي تهاون في هذا الملف لن يُقبل بأي حال من الأحوال.
