عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا موسعًا اليوم الأحد، لمتابعة الإجراءات التنفيذية الخاصة بمشروعات تحلية مياه البحر، ومراجعة الخطط المقترحة في هذا المجال الاستراتيجي، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين التنفيذيين، بالإضافة إلى مشاركة الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، عبر تقنية الفيديو كونفرانس.
الاجتماع يأتي في إطار الاهتمام المتزايد من جانب الدولة بملف الأمن المائي، باعتباره أحد أبرز التحديات التي تواجه مصر في ظل محدودية الموارد التقليدية وثبات حصة البلاد من مياه النيل، إلى جانب ارتفاع الطلب على المياه نتيجة التوسع العمراني والمشروعات التنموية والزراعية والصناعية.
حضور رفيع المستوى
شارك في الاجتماع كل من المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان، والمهندس ممدوح رسلان، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، ونائبه اللواء عاصم شكر، إلى جانب المهندس حسن أمين، الرئيس التنفيذي لشركة "أكوا باور مصر"، والمهندس عاطر حنورة، رئيس وحدة المشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية.
تصريحات رئيس الوزراء
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تضع ملف تحلية مياه البحر على رأس أولوياتها، مشددًا على أن هذا التوجه يمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة لإدارة الموارد المائية خلال العقود القادمة. وأضاف أن خطة التحلية لا تقتصر على توفير مياه الشرب فحسب، بل تمتد لتغطية الاحتياجات المتزايدة للمشروعات التنموية الكبرى، والصناعة، والزراعة، خاصة في المحافظات الساحلية التي تعتمد بشكل مباشر على مصادر المياه المحلاة.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة تستهدف جذب كبريات الشركات العالمية العاملة في هذا المجال لتوطين تكنولوجيا التحلية في مصر، بما يضمن الاستفادة من الخبرات المتقدمة، وخفض تكلفة الإنتاج على المدى الطويل، وتحقيق الاعتماد على الذات.
عرض مقترحات جديدة
وخلال الاجتماع، قدم المهندس حسن أمين، الرئيس التنفيذي لشركة "أكوا باور مصر"، عرضًا تناول نتائج المفاوضات التي أجرتها الشركة مؤخرًا مع وزارة الإسكان بشأن تنفيذ أحد مشروعات التحلية الجديدة. وأكد "أمين" أن الشركة لديها اهتمام واسع بتعزيز وجودها في السوق المصرية، عبر الاستثمار في محطات حديثة تساهم في تلبية الطلب المتنامي على المياه.
وأشار إلى أن التكنولوجيا التي تعتزم الشركة تطبيقها ستتيح إنتاج كميات كبيرة من المياه المحلاة بأقل تكلفة ممكنة، مع مراعاة المعايير البيئية والتقليل من استهلاك الطاقة، وهو ما ينسجم مع خطط مصر للتحول إلى استخدام حلول أكثر استدامة.
رؤية استراتيجية متكاملة
من جانبه، أكد وزير الإسكان المهندس شريف الشربيني، أن مشروعات التحلية تُعد جزءًا لا يتجزأ من "الخطة القومية للمياه" التي وضعتها الدولة حتى عام 2037، والتي تقوم على أربعة محاور رئيسية: التوسع في محطات التحلية، معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، ترشيد الاستهلاك، وتطوير البنية التحتية لشبكات المياه.
وأضاف أن الوزارة تعمل حاليًا على متابعة أكثر من 20 مشروعًا جديدًا في مختلف المحافظات الساحلية، مشيرًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد بدء تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى بالتعاون مع القطاع الخاص.
مشاركة هيئة قناة السويس
وفي مداخلة عبر الفيديو كونفرانس، أوضح الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن الهيئة مستعدة لتقديم الدعم اللوجيستي والفني لمشروعات التحلية، لا سيما في المناطق المحيطة بقناة السويس والبحر الأحمر، لافتًا إلى أن هناك فرصًا كبيرة للاستفادة من البنية التحتية المتاحة لتعزيز كفاءة المشروعات الجديدة.
أهمية التعاون مع القطاع الخاص
وأشار الدكتور مدبولي خلال الاجتماع إلى أن الحكومة تراهن على الشراكة مع القطاع الخاص كعنصر أساسي في تسريع وتيرة تنفيذ هذه المشروعات، مؤكدًا أن وزارة المالية، عبر وحدة المشاركة مع القطاع الخاص، ستوفر التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين. وأشاد بالدور الذي تقوم به الشركات العالمية مثل "أكوا باور" في نقل الخبرات وتوطين التكنولوجيا داخل السوق المصري.
التحديات والحلول
ولم يخفِ رئيس الوزراء التحديات التي تواجه هذا القطاع، وفي مقدمتها ارتفاع تكلفة إنشاء وتشغيل محطات التحلية، إلا أنه أكد أن الدولة تعمل على مواجهة هذه التحديات عبر تبني حلول مبتكرة، مثل الاعتماد على الطاقة المتجددة لتشغيل المحطات، ما يسهم في تقليل التكلفة وضمان استدامة المشروعات.
ختام الاجتماع
وفي ختام الاجتماع، شدد مدبولي على أن ملف المياه يُعد قضية أمن قومي لا تحتمل التأجيل أو التباطؤ، مطالبًا الجهات المعنية بضرورة الإسراع في إنجاز الدراسات والموافقات، والبدء الفعلي في تنفيذ المشروعات المخططة، بما يضمن تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.
وأكد أن مصر تمتلك من الخبرات والكوادر الفنية ما يؤهلها لأن تصبح مركزًا إقليميًا في صناعة تحلية المياه، خاصة مع تزايد التحديات المائية التي تواجه المنطقة بأسرها.
وبذلك، عكس الاجتماع صورة واضحة عن حجم الجهود المبذولة، والإصرار الحكومي على تحويل التحديات إلى فرص من خلال مشروعات التحلية التي ستسهم في توفير مصدر آمن ومستدام للمياه، يواكب خطط التنمية ويعزز استقرار المجتمع.
