في إطار المتابعة المستمرة لملف إصلاح بيئة الاستثمار وتفعيل دور القطاع الخاص، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء أمس، اجتماعًا مهمًا بمقر الحكومة في مدينة العلمين الجديدة، تناول خلاله آليات تطبيق القانون الجديد رقم 170 لسنة 2025، الخاص بتنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها.
وشهد الاجتماع حضور كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والسيد أحمد كجوك، وزير المالية، إلى جانب الدكتور هاشم الدسوقي، الخبير الاقتصادي، حيث استعرض الحاضرون أبرز التحديات والفرص المرتبطة بالقانون، وناقشوا الإجراءات العملية الكفيلة بسرعة تطبيقه.
وأكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن هذا القانون يمثل خطوة محورية في مسار الدولة نحو إعادة هيكلة استثماراتها في عدد من الشركات، بما يتماشى مع استراتيجية التوسع في تمكين القطاع الخاص وزيادة مساهمته في النشاط الاقتصادي. وأوضح أن الهدف الرئيسي من التشريع هو ضبط وحوكمة وجود الدولة داخل الأسواق، بحيث يقتصر على القطاعات الاستراتيجية والضرورية، مع التخارج التدريجي من الشركات التي يمكن للقطاع الخاص إدارتها بكفاءة أعلى.
وخلال المناقشات، شدد رئيس الوزراء على ضرورة وضع خطة زمنية واضحة، تضمن تفعيل القانون في أسرع وقت، خصوصًا أن الدولة تمتلك وتشارك في مئات الشركات العاملة في مجالات متنوعة، الأمر الذي يتطلب دراسة دقيقة لكل حالة على حدة. وأشار مدبولي إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاونًا وثيقًا بين الوزارات المعنية واللجان الفنية المتخصصة، من أجل تحديد الشركات التي سيتم طرحها أو إعادة هيكلتها، وذلك في إطار برنامج الطروحات الحكومية والصندوق السيادي المصري.
كما أوضح أن الدولة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى خلق بيئة أكثر تنافسية، وتحقيق الاستفادة القصوى من أصولها غير المستغلة، فضلًا عن تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في جدية الدولة في المضي قدمًا في برنامج الإصلاح الاقتصادي. وأكد أن تفعيل القانون يتسق تمامًا مع رؤية مصر 2030 التي تستهدف اقتصادًا أكثر استدامة وتنوعًا، يرتكز على القطاع الخاص كقاطرة للنمو.
من جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط أن وزارة التخطيط ستقوم بدور محوري في متابعة تنفيذ القانون عبر آليات رقابية وتنسيقية، تضمن الشفافية والإفصاح الكامل عن الشركات المعنية، مؤكدة أن تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص يظل أحد أهم محاور خطط التنمية الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أشار وزير المالية أحمد كجوك إلى أن تطبيق القانون سيساهم في ضبط الموازنة العامة للدولة على المدى الطويل، من خلال تخفيف الأعباء المرتبطة بإدارة بعض الشركات، وتحويل جزء من تلك الأصول إلى موارد إضافية للخزانة العامة، بما يتيح توجيه مزيد من الاستثمارات نحو قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور هاشم الدسوقي، فقد اعتبر أن صدور هذا القانون يعكس رغبة حقيقية لدى الدولة في ترسيخ مبدأ الاقتصاد الحر المنظم، موضحًا أن التخارج من بعض الشركات لا يعني بالضرورة تقليص دور الدولة، وإنما إعادة تركيزه في المجالات الأكثر ارتباطًا بالأمن القومي والخدمات الأساسية. وأضاف أن تفعيل القانون بشكل صحيح سيؤدي إلى زيادة معدلات النمو وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة أن المستثمرين ينظرون إلى وضوح السياسات الحكومية كعامل أساسي في اتخاذ قراراتهم.
في ختام الاجتماع، اتفق الحاضرون على تشكيل مجموعة عمل تضم ممثلين عن الوزارات والجهات ذات الصلة، تتولى وضع خارطة طريق تفصيلية لآليات التنفيذ، مع رفع تقارير دورية إلى مجلس الوزراء لمتابعة التقدم المحقق في هذا الملف.
ويأتي هذا الاجتماع ليؤكد استمرار الحكومة في السير بخطوات متسارعة نحو إصلاح بيئة الأعمال، وتحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على الأصول الاستراتيجية للدولة، وتمكين القطاع الخاص من أداء دوره الكامل في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة.

