في إطار التوجهات المستمرة للدولة نحو تنمية الكوادر البشرية وتعزيز كفاءة الجهاز الإداري، وقّعت وزارة المالية بروتوكول تعاون جديد مع الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية، يهدف إلى الاستثمار في العنصر البشري داخل الوزارة والجهات التابعة لها.
وجاءت مراسم التوقيع بحضور الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، والدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية، والدكتورة رشا راغب، النائب الأول لرئيس الأكاديمية، حيث أكد الجميع على أن الاتفاق يمثل خطوة نوعية تفتح آفاقًا جديدة أمام العاملين بالوزارة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 في بناء جهاز إداري كفء ومؤهل لمتطلبات المستقبل.
البروتوكول الذي وقعه عن الوزارة أحمد عبد الرازق، الوكيل الدائم، وعن الأكاديمية الدكتور عمرو النحاس، نائب رئيسها لتطوير الأعمال والتدريب، يركز على محورين أساسيين: الأول تقديم منح جزئية للعاملين وأسرهم للالتحاق ببرامج الدراسات العليا بالأكاديمية، والثاني تبادل الخبرات العلمية والعملية بين الجانبين.
ويُنتظر أن يسهم هذا التعاون في فتح المجال أمام الموظفين للحصول على تعليم أكاديمي متطور يواكب أحدث الاتجاهات في الإدارة والمالية والمصرفية، بما يعود بالنفع المباشر على منظومة العمل داخل وزارة المالية ويعزز قدراتها على مواجهة التحديات الاقتصادية.
وفي كلمته خلال مراسم التوقيع، شدد وزير المالية أحمد كجوك على أن الاستثمار في العنصر البشري يأتي على رأس أولويات الوزارة. وقال: "نحن نؤمن بأن تطوير قدرات الموظف هو الطريق الأسرع نحو تعزيز كفاءة الأداء المؤسسي، وهو ما ينعكس في النهاية على جودة الخدمات المقدمة للمواطن، ويدفع مسيرة التنمية المستدامة."
وأضاف أن البروتوكول يعكس إيمان وزارة المالية بأهمية الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية الرائدة، مشيرًا إلى أن الأكاديمية العربية بما تملكه من خبرات بحثية وأكاديمية ستوفر قيمة مضافة حقيقية للعاملين بالوزارة.
من جانبه، أعرب الدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية، عن اعتزازه بهذه الشراكة التي وصفها بـ "التعاون البنّاء"، مؤكدًا أن الأكاديمية ستوظف خبراتها الأكاديمية في خدمة وزارة المالية، بما يضمن إعداد كوادر قادرة على قيادة التغيير الإداري والمالي بكفاءة.
وأوضح أن المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ برامج متخصصة في الإدارة العامة، والحوكمة، والمالية، والمصرفية، مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الوزارة، بما يجعل الموظفين أكثر جاهزية للتعامل مع الملفات المعقدة والمتغيرات المتسارعة على الساحتين المحلية والدولية.
وفي السياق نفسه، أكدت الدكتورة رشا راغب، النائب الأول لرئيس الأكاديمية، أن البروتوكول لن يقتصر أثره على الموظفين فقط، بل سيمتد لأسرهم أيضًا من خلال المنح الجزئية، وهو ما يعزز البعد الاجتماعي للمبادرة. وأعربت عن ثقتها في أن هذا التعاون سيحقق نقلة نوعية في مستوى الكوادر البشرية داخل وزارة المالية.
وأضافت: "التعليم المستمر والتدريب العملي أصبحا اليوم ضرورة وليس رفاهية، وهذا ما نسعى لتوفيره عبر هذا التعاون.
يأتي هذا البروتوكول في وقت تشهد فيه وزارة المالية جهودًا مكثفة لإصلاح الجهاز الإداري وتعزيز الكفاءة المؤسسية، حيث تعمل الوزارة بالتوازي على مشروعات التحول الرقمي، وتطوير الأنظمة المالية الإلكترونية، وإرساء قواعد الشفافية والحوكمة. ومن ثم فإن تنمية العنصر البشري يمثل حلقة مكملة لهذه الجهود.
ويرى خبراء الإدارة أن الاتفاق يمثل نموذجًا لتكامل دور المؤسسات الحكومية والأكاديمية في تطوير الكفاءات، خاصة وأن الموظف المؤهل أكاديميًا ومهنيًا يصبح أكثر قدرة على التعامل مع التحديات، سواء في صياغة السياسات المالية أو تنفيذها.
البروتوكول الموقع بين وزارة المالية والأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية يُتوقع أن يكون بداية لسلسلة من برامج التعاون المشترك، ليس فقط على مستوى التدريب والتعليم، بل أيضًا في مجال الدراسات البحثية وتقديم الاستشارات التي يمكن أن تدعم السياسات المالية للدولة.
ومع اتساع نطاق الشراكة ليشمل العاملين وأسرهم، فإن الاستثمار في العنصر البشري لن يقتصر على رفع كفاءة الأداء المؤسسي فحسب، بل سيؤدي إلى خلق بيئة اجتماعية محفزة تدعم الاستقرار الوظيفي والرضا المهني.
في النهاية، يمثل توقيع هذا البروتوكول خطوة جادة في مسار بناء جهاز إداري قوي ومؤهل، قادر على مواكبة التحولات العالمية في الإدارة والاقتصاد، ويعكس توجه الدولة المصرية نحو الاستثمار في أهم مواردها على الإطلاق: الإنسان.

