في إطار توجه الدولة نحو دعم التحول الأخضر وتعزيز مكانة المدن السياحية المصرية على الخريطة العالمية، شهدت مدينة الغردقة اجتماعًا موسعًا لمتابعة مشروع "الغردقة مدينة خضراء" الذي تتبناه وزارة البيئة بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين. الاجتماع عُقد برئاسة الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائمة بأعمال وزير البيئة، وبحضور قيادات جهاز شئون البيئة وخبراء المشروع، بهدف الوقوف على آخر المستجدات والنتائج المحققة خلال الفترة الماضية، واستعراض التحديات التي تواجه التنفيذ، مع وضع تصورات عملية لتسريع الإنجاز.
وأكدت الوزيرة خلال الاجتماع أن الحكومة تسعى لجعل الغردقة نموذجًا عالميًا للسياحة المستدامة من خلال تقليل الضغوط البيئية على المدينة، والحفاظ على مواردها الطبيعية، إلى جانب دمج التقنيات الذكية في مجالات الطاقة والنقل والضيافة. وأشارت إلى أن المشروع، الذي يُنفذ على مدى خمس سنوات (2023 – 2028)، يأتي بتمويل من مرفق البيئة العالمية وبمشاركة برنامج الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو"، باستثمارات تتجاوز 3 ملايين دولار.
محاور العمل
تناول الاجتماع عددًا من المحاور الرئيسية، أبرزها: وضع أطر سياسات استراتيجية لقطاع السياحة تراعي مبادئ التعافي الأخضر، ربط تلك السياسات بآليات تمويل واستثمارات خضراء، وتبني مشروعات تساهم في خفض الانبعاثات الكربونية وحماية النظم البيئية البحرية. كما يشمل المشروع تطوير البنية التحتية منخفضة الكربون، وتعزيز استثمارات التنوع البيولوجي، بما يضمن استدامة بيئية واقتصادية طويلة الأمد.
وخلال العرض الذي قُدم أمام الوزيرة، تم استعراض ما أُنجز من خطوات عملية، ومن بينها البدء في تنفيذ التقييم البيئي الاستراتيجي عبر سلسلة من المشاورات المحلية والوطنية، وتقديم تقارير أولية شملت ملاحظات الوزارات والجهات المعنية. كما يجري حاليًا إعداد منصة إلكترونية متخصصة لحساب انبعاثات قطاع السياحة، إلى جانب إصدار أدلة استرشادية للمطارات والفنادق الخضراء، وكتالوج استثماري للمحميات الطبيعية.
نتائج ملموسة على الأرض
من أبرز النتائج التي أُشير إليها أيضًا تنفيذ برامج تدريبية للعاملين في قطاع السياحة للحصول على الشهادات البيئية، والتعريف بعلامة "الزعانف الخضراء" المعنية بحماية الشعاب المرجانية والموارد الطبيعية البحرية. إضافة إلى ذلك، جرى تنظيم أنشطة توعوية تستهدف المواطنين والزوار على حد سواء، مع إطلاق منصات للتواصل الاجتماعي لنشر ثقافة الاستدامة والتفاعل مع المجتمع المحلي.
وفيما يخص دعم المجتمعات المحلية، أوضح فريق العمل أنه تم تنفيذ برامج تدريبية للنساء على زراعة النباتات الطبية والعطرية وتسويقها، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة والقطاع الخاص، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة قائمة على الاقتصاد الأخضر. كما أُنشئ رأس مال دوار لدعم المشروعات الصغيرة المرتبطة بالأنشطة البيئية، مع تقديم تدريبات متخصصة في رصد السلاحف البحرية وتقييم الأثر البيئي داخل المحميات.
رسائل الوزيرة
وشددت الدكتورة منال عوض خلال الاجتماع على ضرورة العمل الجاد لتقليل الآثار السلبية للأنشطة السياحية على الشعاب المرجانية، مع إيجاد حلول مستدامة للحد من استخدام زعانف الغوص غير الصديقة للبيئة. كما أكدت على أهمية الإسراع في القضاء تمامًا على الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام في الغردقة وشرم الشيخ، واستبدالها بأكياس متعددة الاستخدام، مشيرة إلى أن هذا التحول يعد خطوة ضرورية لرفع تنافسية المدينتين على المستوى الدولي.
وخاطبت الوزيرة الحضور قائلة إن الغردقة أمام فرصة تاريخية لتكون مدينة رائدة في مجال السياحة البيئية، وهو ما يتطلب مضاعفة الجهود والتنسيق الوثيق بين جميع الجهات المعنية لضمان تنفيذ المشروع وفق الجدول الزمني المحدد، وبما يفتح آفاقًا جديدة أمام الاستثمارات الخضراء ويحقق مردودًا اقتصاديًا وبيئيًا على المدى الطويل.
أهمية المشروع
ويأتي مشروع "الغردقة مدينة خضراء" في وقت يشهد العالم فيه اهتمامًا متزايدًا بالتحول نحو اقتصاد صديق للبيئة، مما يجعل من التجربة المصرية نموذجًا يحتذى به في المنطقة. فالنجاحات التي بدأت تتحقق على أرض الواقع تعكس جدية الدولة في دمج معايير الاستدامة داخل القطاعات الاقتصادية المختلفة، وخاصة السياحة التي تُعد من أهم مصادر الدخل القومي.

