على هامش فعاليات "الأسبوع العالمي للمياه" المنعقد في العاصمة السويدية ستوكهولم، التقى الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، بالسيدة بيمي ماجودينا وزيرة المياه والصرف الصحي بدولة جنوب أفريقيا، في جلسة ثنائية ناقشت مستقبل التعاون بين البلدين والقارة الأفريقية في قضايا المياه، وسبل جذب الاستثمارات اللازمة لمواجهة التحديات المتزايدة.
بدأ اللقاء بتهنئة الوزير المصري لنظيرته الجنوب أفريقية والمفوضية الأفريقية على النجاح الذي حققته قمة "برنامج الاستثمار في أفريقيا" التي عُقدت مؤخرًا بمدينة كيب تاون، حيث اعتبر سويلم أن المخرجات التي صدرت عن القمة عززت من وحدة الموقف الأفريقي بشأن تمويل مشروعات المياه. وأكد أن "إعلان كيب تاون" يمثل خريطة طريق واضحة وطموحة لحشد الاستثمارات في قطاع المياه، بما يسهم في سد الفجوة المالية السنوية المقدرة بنحو 30 مليار دولار.
خطوات مشتركة بعد إعلان كيب تاون
وخلال النقاش، تناول الجانبان الخطوات المقبلة التي من المنتظر أن تُبنى على ما ورد في "إعلان كيب تاون"، وذلك من خلال تحضير ملفات متكاملة لعرضها على عدد من الفعاليات الدولية الكبرى خلال الفترة المقبلة، من بينها قمة تمويل أفريقيا، وقمة المناخ الأفريقية، وقمة الاتحاد الأفريقي، وقمة مجموعة العشرين.
وأكد الدكتور سويلم أن مصر تولي أهمية خاصة للتنسيق مع جنوب أفريقيا على أعلى مستوى، من أجل توحيد الموقف الأفريقي خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه المقرر عقده عام 2026، مشددًا على أن وحدة الصوت الأفريقي في هذه الملفات ستزيد من قدرة القارة على الحصول على التمويل والدعم الدولي اللازم لمواجهة أزماتها المائية.
تفعيل مذكرة التفاهم الثنائية
كما استعرض اللقاء التقدم المحرز في تنفيذ بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين مصر وجنوب أفريقيا في مجال إدارة الموارد المائية، والتي تم توقيعها في أبريل 2024. وأوضح سويلم أن مجموعة العمل المشتركة التي تم تشكيلها بعد التوقيع بدأت بالفعل في متابعة آليات التنفيذ، مضيفًا أن القاهرة حريصة على تعزيز التعاون مع بريتوريا، ليس فقط على المستوى الثنائي، بل أيضًا في الإطار الإقليمي والدولي.
ومن جانبها، رحبت الوزيرة الجنوب أفريقية بالتعاون الوثيق مع مصر، وأشارت إلى أن بلادها ترى في الشراكة المصرية ركيزة أساسية لتبادل الخبرات الفنية والتقنية، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه دول القارة نتيجة تغير المناخ والزيادة السكانية والاحتياجات المتنامية للمياه.
أهمية الشراكة الأفريقية
ويأتي هذا اللقاء في ظل إدراك متزايد بأن التحديات المائية في أفريقيا لا يمكن التعامل معها بمعزل عن التعاون المشترك. فالقارة التي تمتلك موارد مائية هائلة ما زالت تعاني من فجوة تمويلية ضخمة تعيق استغلال هذه الموارد بالشكل الأمثل، وهو ما يجعل التعاون بين الدول الأفريقية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
ويرى مراقبون أن التحركات المصرية والجنوب أفريقية الأخيرة تعكس توجهًا نحو صياغة موقف موحد قادر على جذب الاستثمارات وتوجيهها إلى مشروعات ذات أولوية قصوى، مثل تحلية المياه، وتطوير شبكات الصرف الصحي، وتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة.
رسالة مصر للعالم
وأكد الوزير المصري أن مصر، بما تمتلكه من خبرات واسعة في إدارة المياه على مدار عقود طويلة، حريصة على أن تكون جزءًا فاعلًا في الجهود الأفريقية الجماعية، موضحًا أن بلاده تضع ملف المياه على رأس أولوياتها الوطنية والإقليمية. وأضاف أن هذا التعاون مع جنوب أفريقيا يعكس التزام مصر بالعمل المشترك لتعزيز التنمية المستدامة في القارة.
كما شدد على أن مؤتمر الأمم المتحدة للمياه عام 2026 سيمثل فرصة تاريخية للدول الأفريقية لتوحيد كلمتها والمطالبة بدعم حقيقي يساهم في مواجهة التحديات المشتركة، وأن التحضير الجيد لهذا المؤتمر من الآن يعد خطوة أساسية لتحقيق النتائج المرجوة.
آفاق مستقبلية
واختُتم اللقاء بالتأكيد على مواصلة عقد اجتماعات دورية بين فرق العمل المصرية والجنوب أفريقية، من أجل متابعة التطورات وتنفيذ البرامج المشتركة في الوقت المحدد، مع الاتفاق على توسيع مجالات التعاون لتشمل الابتكار في تقنيات إدارة المياه، والتدريب وبناء القدرات، وإشراك القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية التحتية.
وبذلك، تواصل مصر وجنوب أفريقيا تعزيز شراكتهما الاستراتيجية في ملف المياه، بما يسهم في ترسيخ التعاون الأفريقي المشترك، ويضع القارة على مسار أكثر استقرارًا في مواجهة أزماتها المائية.

