شهد قطاع البترول والغاز المصري خطوة جديدة تعكس جاذبية السوق الوطنية أمام كبرى الشركات العالمية، وذلك بعد توقيع أربع اتفاقيات جديدة للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" مع مجموعة من شركات البترول والغاز العملاقة، باستثمارات تتجاوز حدها الأدنى 340 مليون دولار، تشمل حفر 10 آبار استكشافية في مناطق استراتيجية بالبحر المتوسط والدلتا.
وجرت مراسم التوقيع بحضور المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، الذي أكد أن هذه الاتفاقيات تأتي في إطار المحور الأول من استراتيجية الوزارة، والخاص بتكثيف أنشطة البحث والاستكشاف وزيادة معدلات الإنتاج، بما يدعم خطط الدولة في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية.
شراكات عالمية في مناطق واعدة
الاتفاقيات الأربع عكست تنوع الشركاء وتوسع خريطة الاستثمارات. ففي الاتفاقية الأولى، تم التعاون مع شركة "شل" العالمية للتنقيب في منطقة ميرنيث البحرية بالبحر المتوسط، باستثمارات تصل إلى 120 مليون دولار لحفر ثلاثة آبار استكشافية. ووقع الاتفاقية عن "شل مصر" السيدة داليا الجابري رئيسة الشركة، بينما مثل "إيجاس" في التوقيع المهندس محمود عبد الحميد العضو المنتدب التنفيذي.
أما الاتفاقية الثانية فجاءت مع شركة "إيني" الإيطالية، إحدى أكبر اللاعبين في سوق الطاقة العالمية، للتنقيب في منطقة شرق بورسعيد البحرية بالبحر المتوسط. وتبلغ قيمة استثماراتها نحو 100 مليون دولار لحفر ثلاثة آبار جديدة، ووقعها السيد فرانشيسكو جاسباري مدير عام الشركة في مصر، وذلك بحضور شركاء الاستثمار من "بي بي" البريطانية و"قطر إنرجي"، في دلالة واضحة على الثقة الدولية في السوق المصرية.
الاتفاقية الثالثة كانت مع شركة "زاروبيج نفط" الروسية للتنقيب في منطقة شمال الخطاطبة البرية بدلتا النيل، باستثمارات تبلغ 14 مليون دولار لحفر أربعة آبار. ووقع الاتفاقية السيد ياسين راهليب نائب رئيس الشركة في مصر، بحضور مديرها العام روستيم باكيروف وكبير الجيولوجيين ميكاييل كوبراك، بما يعكس اهتمام موسكو بتوسيع استثماراتها في مصر.
أما الاتفاقية الرابعة فجاءت مع شركة "أركيوس إنرجي" العالمية، للتنقيب في منطقة شمال دمياط البحرية بالبحر المتوسط، باستثمارات تصل إلى 109 ملايين دولار. ووقع الاتفاقية السيد ناصر اليافعي رئيس الشركة، التي تمثل شراكة بين "بي بي" البريطانية و"XRG" التابعة لشركة أدنوك الإماراتية، ما يضيف بعدًا إقليميًا للتعاون الاستثماري.
رؤية استراتيجية لقطاع الغاز
وأوضح وزير البترول أن هذه الاتفاقيات ليست مجرد استثمارات مالية، بل هي رسالة ثقة في البيئة الاستثمارية بمصر، وقدرة الدولة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتوفير بنية تحتية قوية وبيئة تشريعية مستقرة تدعم المستثمرين.
وأشار إلى أن مصر باتت مركزًا إقليميًا لتداول وتصدير الغاز الطبيعي، خاصة بعد الاكتشافات الكبرى في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها حقل "ظهر"، وأن الشراكات الجديدة ستسهم في تعزيز مكانة البلاد على خريطة الطاقة العالمية.
وأضاف أن الوزارة تواصل تنفيذ خططها لزيادة الاحتياطيات المؤكدة من الغاز والبترول، بما يحقق الاكتفاء الذاتي ويدعم خطط التصدير، مؤكدًا أن الاستثمارات الجديدة ستفتح آفاقًا أوسع لزيادة معدلات الإنتاج خلال السنوات المقبلة.
أهمية اقتصادية وتنموية
من جانبه، أكد المهندس محمود عبد الحميد، العضو المنتدب التنفيذي للشركة القابضة للغازات الطبيعية، أن الاتفاقيات تمثل إضافة نوعية لقطاع الغاز في مصر، إذ ستسهم في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة عائدات الدولة من النقد الأجنبي، إلى جانب دعم الصناعات المرتبطة بالطاقة مثل البتروكيماويات والكهرباء.
كما أشار إلى أن تنوع الشركاء من أوروبا وروسيا والشرق الأوسط يعكس التوجه نحو تنويع مصادر الاستثمار، وهو ما يضمن استقرارًا أكبر للسوق ويدعم خطط التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة.
رسالة ثقة للمستقبل
ويرى مراقبون أن هذه الاتفاقيات تعكس ثقة متزايدة في الاقتصاد المصري، خاصة في ظل التحديات العالمية المرتبطة بقطاع الطاقة، مؤكدين أن استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية في مجال البترول والغاز سيظل أحد الأعمدة الرئيسية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية.
وبهذا تكون مصر قد أضافت خطوة جديدة إلى مسارها نحو تعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة، عبر جذب المزيد من الشركاء الدوليين والاستفادة من ثرواتها الطبيعية، بما يضمن تلبية احتياجات السوق المحلية وزيادة قدرتها التصديرية.

