في خطوة جديدة تعكس توجه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من البحث العلمي التطبيقي في خدمة الاقتصاد الوطني، اعتمد المهندس علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، اللائحة التنفيذية المنظمة لعمل لجنة تسجيل سلالات الإنتاج الحيواني والداجني.
وتُعد هذه الخطوة نقلة نوعية في ملف الثروة الحيوانية والداجنة في مصر، حيث تهدف إلى وضع إطار علمي ومؤسسي لإدارة وتحسين السلالات، بما يسهم في رفع معدلات الإنتاج المحلي وتحقيق الأمن الغذائي، تماشيًا مع رؤية مصر 2030.
وأكد الوزير، في تصريحات رسمية، أن الوزارة تسعى من خلال هذه اللائحة إلى تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك عبر تحسين كفاءة السلالات المحلية والمستوردة على حد سواء، مضيفًا أن رفع كفاءة المزارع والمنتجين يعد خط الدفاع الأول أمام التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل ما يشهده العالم من أزمات غذائية متلاحقة. وأوضح أن تحسين السلالات الداجنة والحيوانية سيؤدي بشكل مباشر إلى زيادة الإنتاجية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، الأمر الذي يعزز من تنافسية المنتجات المصرية داخل الأسواق المحلية والخارجية.
وشدد الوزير على أن اللجنة المعتمدة ستعمل وفق أسس علمية دقيقة، مع مراعاة الجوانب البيئية والصحية، لتوفير إنتاج مستدام يحافظ على الموارد الطبيعية، ويواجه آثار التغيرات المناخية. كما لفت إلى أن هذه الخطوة تضع مصر في موقع ريادي بالمنطقة، حيث تصبح أول دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا تطلق لجنة متخصصة بتسجيل السلالات الحيوانية والداجنة، وهو ما يفتح المجال أمام التعاون الإقليمي وتصدير الخبرات.
من جانبه، أوضح الدكتور عادل عبد العظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، أن اللجنة ستكون حلقة وصل بين الباحثين والمربين والقطاع الخاص، بما يضمن تطوير برامج التحسين الوراثي للسلالات المحلية والدولية. وأضاف أن اعتماد اللائحة التنفيذية يهدف إلى الحفاظ على الموارد الوراثية الحيوانية والداجنة واستغلالها بالشكل الأمثل، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية الحديثة لمواجهة التغير المناخي. وأشار إلى أن هذا المشروع سيتيح استنباط سلالات جديدة قادرة على التكيف مع الظروف المصرية، وأكثر إنتاجية لتلبية احتياجات السوق المحلي، بل وفتح آفاق للتصدير الإقليمي والدولي.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور ماهر المغربي، وكيل مركز البحوث الزراعية لشؤون الإنتاج، أن اللجنة ستعمل على إنشاء قاعدة بيانات متكاملة وموحدة للسلالات الحيوانية والداجنة، مما يسهل عملية التخطيط الاستراتيجي للتوسع في الإنتاج. وأوضح أن هذه القاعدة ستسهم في صياغة سياسات واضحة لدعم المربين والمستثمرين، إلى جانب تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق الأفريقية والعربية، ما يدعم مكانة مصر كمركز إقليمي لنقل التكنولوجيا والخبرة في مجال الإنتاج الحيواني.
كما أشار المغربي إلى أن اللجنة ستُطبق نظام "حق المربي" لحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالسلالات المستنبطة، وهو النظام الذي يضمن حقوق الباحثين والمربين ويشجع على المزيد من الابتكار. واعتبر أن هذه التجربة تمثل نموذجًا يحتذى به في الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال تنظيم وتطوير الثروة الحيوانية.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد الشافعي، مدير معهد بحوث الإنتاج الحيواني ومقرر اللجنة، أن الهدف الأساسي للجنة هو تأسيس إطار علمي متكامل لإدارة السلالات، سواء كانت محلية أو مستوردة، وذلك عبر تطوير برامج تحسين وراثي متقدمة. وأضاف أن هذه البرامج ستسهم في زيادة إنتاج اللحوم والألبان والبيض والدواجن والأسماك، بما يقلص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، ويفتح آفاقًا جديدة للتصدير للأسواق الإقليمية.
وتضم اللجنة في عضويتها نخبة من الخبراء والمتخصصين من المعاهد البحثية والجامعات المصرية، إضافة إلى كوادر من قطاع الثروة الحيوانية والصحة البيطرية. ويترأس اللجنة الدكتور عادل عبد العظيم، في حين يتولى عدد من العلماء والباحثين المتخصصين مسؤولية وضع الأطر الفنية والإدارية لضمان نجاح التجربة.
ويُتوقع أن تساهم هذه الخطوة في إعادة صياغة خريطة الإنتاج الحيواني والداجني في مصر خلال السنوات المقبلة، خاصة مع التوسع في إدخال سلالات جديدة تتميز بقدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، وزيادة الإنتاجية، وتقليل تكاليف التربية.
وبذلك، فإن اعتماد اللائحة التنفيذية للجنة تسجيل سلالات الإنتاج الحيواني والداجني يمثل ليس فقط خطوة تنظيمية، بل استراتيجية وطنية تضع البحث العلمي في صدارة أدوات تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، وتؤكد أن الاستثمار في تحسين السلالات لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لمستقبل الثروة الحيوانية في مصر.

