في إطار التحركات الدبلوماسية والاقتصادية المستمرة لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي جاذب للاستثمارات العالمية، استقبل المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، السفير الياباني بالقاهرة فوميو إيواي، لبحث آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، في ضوء نتائج الزيارة الأخيرة للوزير إلى اليابان، وما أثمرته من اتفاقيات واستثمارات واعدة.
اللقاء عكس حجم الاهتمام المشترك بين القاهرة وطوكيو بترجمة العلاقات التاريخية الوطيدة إلى مشروعات استثمارية ملموسة، تعود بالنفع على الاقتصادين المصري والياباني، وتفتح مجالات أرحب أمام القطاع الخاص في كلا الجانبين.
وأكد الوزير خلال اللقاء أن مصر تضع التعاون مع اليابان على رأس أولوياتها، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين ليست وليدة اللحظة، وإنما تستند إلى تاريخ ممتد من الشراكات الناجحة، خاصة في مجالات التعليم، والطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا. وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مشروعات صناعية وتجارية مشتركة، تعكس الروح الجديدة للعلاقات بين القاهرة وطوكيو.
وأوضح الخطيب أن مصر تمتلك مقومات تنافسية تجعلها وجهة مفضلة للمستثمر الياباني، حيث تتوافر العمالة الماهرة، وتتميز تكلفة الإنتاج بالقدرة التنافسية مقارنة بالعديد من الأسواق الأخرى، فضلاً عن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمصر، وشبكة الاتفاقيات التجارية التي تمنح المنتجات المصرية قدرة على النفاذ إلى أسواق إقليمية ودولية متعددة.
وكشف الوزير أن زيارته الأخيرة إلى اليابان أسفرت عن اتفاقات مع عدد من الشركات اليابانية الكبرى، والتي بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات عملية للدخول إلى السوق المصري، سواء عبر ضخ استثمارات مباشرة، أو عبر توسعة خطوط الإنتاج القائمة بهدف تعزيز الصادرات إلى الأسواق العالمية. كما لفت إلى أن الحكومة المصرية تعمل بجدية على تذليل العقبات أمام المستثمرين اليابانيين، حيث تم حل معظم التحديات التي كانت تعيق عمل بعض الشركات، بينما يجري العمل حالياً على إنهاء ما تبقى من معوقات بشكل نهائي.
من جانبه، أعرب السفير الياباني فوميو إيواي عن تقدير بلاده لمصر، واصفاً إياها بأنها شريك استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وأكد أن اليابان حريصة على الارتقاء بالتعاون الاقتصادي مع القاهرة إلى مستويات أعلى، خاصة في ضوء ما تشهده مصر من إصلاحات اقتصادية وهيكلية خلقت بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
وأشار السفير إلى أن مشاركة مصر في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الإفريقية (TICAD 9) بوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عكست الاهتمام المصري بالتعاون الثلاثي بين اليابان وإفريقيا. وقال إن شعار المؤتمر "الابتكار المشترك لحلول مع إفريقيا" يتقاطع مع الرؤية المصرية في دفع عجلة التنمية على المستويين الوطني والإفريقي.
كما أشاد السفير بالزيارة الرسمية الناجحة للمهندس حسن الخطيب إلى اليابان، والتي شملت كلاً من أوساكا وطوكيو، حيث التقى خلالها كبار المسؤولين ورجال الأعمال اليابانيين، وعرض فرص الاستثمار المتاحة في السوق المصري. وأوضح أن الجانب الياباني لمس خلال اللقاءات جدية الحكومة المصرية في استقطاب الاستثمارات، وهو ما شجع عدداً من الشركات اليابانية على الإعلان عن خطط توسعية في مصر خلال الفترة المقبلة.
اللقاء لم يقتصر على استعراض إنجازات الماضي ونتائج الزيارات، بل تطرق إلى مناقشة مستقبل التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث بحث الجانبان فرص التعاون في مجالات التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة، والتدريب الصناعي، إلى جانب الصناعات التحويلية والإلكترونية، وهي مجالات تشهد اهتماماً متزايداً من المستثمرين اليابانيين.
وأكد الوزير أن مصر حريصة على الاستفادة من الخبرات اليابانية في هذه القطاعات، بما يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على المنافسة إقليمياً ودولياً، ويتيح فرص عمل جديدة للشباب، ويرفع من مستوى التكنولوجيا المستخدمة في الصناعة الوطنية.
وفي ختام اللقاء، شدد الجانبان على أن العلاقات المصرية ـ اليابانية تسير بخطى ثابتة نحو آفاق أرحب، وأن ما تحقق حتى الآن من مشروعات مشتركة ليس سوى بداية لمسار طويل من التعاون، يقوم على المصالح المشتركة والرغبة في تحقيق التنمية المستدامة للشعبين الصديقين.
وبهذا اللقاء، يتأكد أن العلاقات بين القاهرة وطوكيو لم تعد مجرد عناوين دبلوماسية، بل أصبحت محاور عمل فعلية تُترجم إلى مشروعات وفرص استثمارية، من شأنها أن تعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار والتجارة، وتفتح في الوقت ذاته الباب أمام اليابان لتعزيز حضورها الاقتصادي في المنطقة.
