في خطوة جديدة لتعزيز الاستقرار المالي غير المصرفي وحماية مدخرات المواطنين، أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية عن إدراج ثلاث شركات و36 صفحة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن "القائمة السلبية"، بعد رصد ممارسات مخالفة للقوانين المنظمة للأنشطة المالية غير المصرفية. هذه الخطوة تعكس إصرار الهيئة على مواجهة أي أنشطة مشبوهة تستهدف أموال الجمهور وتعرض سلامة التعاملات للخطر.
تفاصيل القرار
أكدت الهيئة أن الشركات المضافة للقائمة تورطت في دعوة الجمهور لتلقي الأموال بغرض استثمارها دون الالتزام بالإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 146 لسنة 1988. كما قامت بعض الكيانات غير المرخصة بدعوة المواطنين للاكتتاب العام دون الحصول على موافقات رسمية، ما يمثل مخالفة صريحة للقواعد واللوائح المنظمة.
أما على مستوى المنصات الرقمية، فقد تم رصد عشرات الصفحات التي تروج لعمليات تمويل استهلاكي غير مشروعة، حيث تدعو المتعاملين إلى "تسييل الحدود الائتمانية" الممنوحة لهم نقدًا، وهو ما يعد التفافًا خطيرًا على الهدف الأساسي من التمويل الاستهلاكي. هذه الممارسات، وفقًا للهيئة، تفتح الباب أمام مخاطر مالية تهدد استقرار السوق وتضعف ثقة المتعاملين.
تحذير جديد للمواطنين
جددت الرقابة المالية تحذيرها من الانسياق وراء كيانات غير مرخصة أو الانخراط في أنشطة استثمارية أو تمويلية لا تخضع لإشراف الدولة، مؤكدة أن مثل هذه الممارسات تنتهي غالبًا بخسائر فادحة وضياع حقوق المواطنين. كما شددت على أن أي تعامل مع جهات غير مرخصة يعرض المتعامل لمخاطر جسيمة قد تصل إلى فقدان كامل لرأس المال.
تحديث دوري للقائمة السلبية
الهيئة أوضحت أن القائمة السلبية يتم تحديثها بصورة دورية بناءً على ما يرد إليها من شكاوى المواطنين أو ما يتم رصده من خلال عمليات المتابعة الميدانية والإلكترونية. وكانت الهيئة قد أعلنت في مايو الماضي عن قائمة أولية شملت كيانات غير قانونية، مؤكدة أن هذا الإجراء يهدف لحماية الاقتصاد الوطني من الممارسات غير المشروعة.
آليات التحقق والإبلاغ
ولمواجهة هذه الظاهرة، أتاحت الهيئة بريدًا إلكترونيًا مخصصًا لاستقبال شكاوى الأفراد الذين يتعرضون لمحاولات احتيال أو دعوات للاستثمار المشبوه. كما خصصت قناة تواصل للشركات والمؤسسات التي ترغب في التأكد من توافق نماذج أعمالها مع القوانين والضوابط الرقابية. هذه الخطوة تأتي في إطار دعم بيئة أعمال صحية ومستقرة وتشجيع الكيانات الجادة على الالتزام بالقوانين.
دعوة للالتزام بالأنشطة المرخصة
وأشارت الرقابة المالية إلى أن القائمة الكاملة بالجهات المرخص لها بممارسة الأنشطة المالية غير المصرفية متاحة على موقعها الرسمي، مؤكدة أن التعامل مع الكيانات المرخصة وحدها يضمن حقوق المواطنين ويمنحهم الثقة في الخدمات المالية التي يحصلون عليها.
كما شددت الهيئة على أن أي جهة ترغب في الترويج للاكتتاب العام أو تقديم خدمات مالية للجمهور يجب أن تحصل على موافقات رسمية مسبقة، حفاظًا على الشفافية والنزاهة وضمان التزام السوق المصري بالقواعد العالمية في العمل المالي.
رسالة للمستثمرين والأسر المصرية
الرقابة المالية أكدت أن المستهدف من هذه الإجراءات ليس فقط ضبط الأسواق، بل أيضًا حماية الأسر المصرية من الوقوع في فخ الوعود الوهمية بالعوائد المرتفعة. وشددت على أن الاستثمار الآمن يبدأ من التعامل مع جهات خاضعة للرقابة، حيث تضمن الدولة من خلال إشرافها التزام هذه الكيانات بالقوانين وحماية أموال المتعاملين.
نحو سوق مالي أكثر استقرارًا
من خلال هذه الخطوات، تؤكد الهيئة أنها تسعى لترسيخ بيئة استثمارية مستقرة وعادلة، وتمنع استغلال المواطنين في ممارسات غير مشروعة. كما أوضحت أنها ستواصل جهودها في رصد أي كيانات أو صفحات مشبوهة، وأن القائمة السلبية ستبقى أداة ردع مهمة لكل من يحاول الالتفاف على القوانين.
وبهذا القرار، تبعث الرقابة المالية برسالة واضحة إلى السوق: لا مجال للتهاون مع الأنشطة غير المرخصة، ولا تسامح مع أي محاولة لتهديد مدخرات المصريين.

