في خطوة جديدة تعكس الحضور المتنامي لمصر على الساحة الدولية في مجال التعدين والطاقة، ألقى المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، كلمة افتتاحية خلال فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الإفريقي الأسترالي للتعدين والطاقة «Africa Down Under»، والذي تستضيفه مدينة بيرث الأسترالية، بمشاركة نخبة من المسؤولين والخبراء وممثلي كبرى الشركات العالمية.
أكد الوزير في كلمته أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو بناء قطاع تعدين عصري يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، موضحًا أن الإصلاحات التشريعية والمالية التي تم إدخالها خلال السنوات الأخيرة تهدف إلى جعل مصر وجهة أكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية، بما يعكس رؤية الدولة في تعظيم الاستفادة من ثرواتها المعدنية.
وأشار بدوي إلى أن الإجراءات الأخيرة ساهمت في تهيئة بيئة استثمارية أكثر تنافسية، تقوم على نظام مالي واضح ومعايير شفافة تمنح المستثمرين الثقة في السوق المصري. وأضاف أن هذه الإصلاحات ستسهم في رفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى ما بين 5 و6% خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يُعد تحولًا مهمًا في مسار الاقتصاد الوطني.
وأوضح الوزير أن المشاركة المصرية في هذا المؤتمر الدولي، والتي تُعد الأولى من نوعها، تمثل منصة متميزة لعرض التجربة المصرية أمام المستثمرين من مختلف الدول، مؤكدًا أنها لن تكون الأخيرة، بل بداية لمسار جديد من التعاون مع الشركاء الأفارقة والأستراليين في مجالات التعدين والطاقة.
وتحدث بدوي عن تحديث نموذج الاستثمار الخاص بالذهب والمعادن، والذي صُمم بما يتوافق مع الممارسات العالمية الرائدة، معتبراً أن هذا النموذج يمثل الأساس لجذب الشركات الكبرى والناشئة للعمل في مصر. كما كشف عن تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى كيان اقتصادي مستقل قادر على قيادة التنمية في هذا القطاع، سواء عبر الدراسات والأبحاث أو من خلال تبسيط إجراءات التراخيص للمستثمرين.
وفي سياق متصل، أعلن الوزير عن استعداد مصر لإطلاق مشروع مسح جوي شامل يهدف إلى حصر الإمكانات التعدينية على مستوى الجمهورية، بما يوفر قاعدة بيانات دقيقة للمستثمرين تسهّل عملية اتخاذ القرار. وأوضح أن العمل جارٍ على الانتهاء من منصة رقمية حديثة، مماثلة لبوابة مصر للاستكشاف والإنتاج في قطاع البترول، لعرض البيانات والفرص الواعدة بشكل متكامل أمام المستثمرين.
كما شدد بدوي على أن مصر لا تركز فقط على استخراج الخامات، بل تسعى إلى بناء صناعات متكاملة تركز على القيمة المضافة للموارد التعدينية، عبر إقامة مشروعات استراتيجية مثل مجمع أبو طرطور لإنتاج حمض الفسفوريك، الذي يمثل نموذجًا لتحويل المواد الخام إلى منتجات صناعية ذات عائد اقتصادي مرتفع.
وأبرز الوزير المقومات التي تؤهل مصر للانطلاق بقوة في هذا المجال، وفي مقدمتها الموقع الجغرافي الفريد الذي يربط بين القارات، والتنوع الجيولوجي الغني بالمعادن، والبنية التحتية المتطورة التي تم إنشاؤها خلال السنوات الماضية، فضلًا عن التشريعات الحديثة التي تمنح المستثمرين بيئة أعمال مشجعة. كما أشار إلى توافر مصادر الطاقة المتنوعة، وهو ما يمثل عنصرًا داعمًا لتطوير الصناعات التعدينية.
واختتم وزير البترول كلمته بتوجيه دعوة مفتوحة للمستثمرين والشركات العالمية للمشاركة في منتدى مصر للتعدين في نسخته القادمة، مؤكدًا أن هذا المنتدى سيشكل محطة مهمة لاستعراض المزيد من الفرص المتاحة وتعزيز التعاون مع مختلف الشركاء.
وشهدت الكلمة حضورًا لافتًا من عدد من كبار الشخصيات الدولية، من بينهم ديفيد مايكل، وزير المناجم والبترول بحكومة غرب أستراليا، وإيمانويل أرماه، وزير الأراضي والموارد الطبيعية بجمهورية غانا، إلى جانب ستيوارت بيلي، كبير مسؤولي الاستدامة وشؤون الشركات بشركة «أنجلو جولد أشانتي» العالمية، بالإضافة إلى ممثلين عن عدد من شركات التعدين الإفريقية والأسترالية الكبرى.
ويأتي هذا الحدث ليعزز مكانة مصر كدولة صاعدة في قطاع التعدين، ويفتح آفاقًا جديدة أمام الاستثمارات الدولية، خاصة في ظل الإصلاحات الاقتصادية والفرص الواعدة التي يتم الكشف عنها تباعًا، الأمر الذي يعزز من مكانة مصر كوجهة إقليمية بارزة في هذا المجال الحيوي.

