في خطوة تعكس التوجه الاستراتيجي لمصر نحو دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، استعرض الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، مع وفد من شركة "سبريكس" اليابانية، الخطوات التنفيذية لإطلاق منصة "كويرو" التعليمية الجديدة، المقرر تطبيقها على طلاب الصف الأول الثانوي مع بداية العام الدراسي 2025 / 2026.
المنصة الرقمية "كويرو" صممت خصيصًا لتقديم مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي بطريقة تفاعلية تجمع بين التعلم النظري والتطبيق العملي، عبر بيئة إلكترونية توفر للطلاب محتوى متطور يواكب المعايير العالمية، مع ضمان دعم المعلمين وتمكينهم من متابعة أداء الطلاب خطوة بخطوة.
وأكد وزير التربية والتعليم أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في تطوير المناهج الثانوية، وتتماشى مع رؤية الدولة في إعداد أجيال جديدة تمتلك مهارات المستقبل، مضيفًا أن الوزارة تسعى إلى تعميم التجربة تدريجيًا لتشمل مراحل دراسية أخرى، بحيث تصبح البرمجة والتفكير الحاسوبي جزءًا أساسيًا من المنظومة التعليمية في مصر.
وخلال الاجتماع، استعرض الوزير آلية عمل المنصة، بدءًا من إنشاء الحسابات الشخصية للطلاب والمعلمين، مرورًا بكيفية الدخول على الدروس التفاعلية، ووصولًا إلى تفعيل المنصة على الشاشات الذكية داخل الفصول. وأوضح أن النظام يتيح إجراء الامتحانات الإلكترونية عبر المنصة، بما يضمن الشفافية وتكافؤ الفرص، إلى جانب تقديم تقارير تحليلية دقيقة عن مستوى كل طالب.
من جانبها، أكدت شركة "سبريكس" التزامها بتوفير الدعم الفني والتقني اللازم لضمان تشغيل المنصة بكفاءة داخل المدارس المصرية، مشيرة إلى أن المشروع سيُنفذ وفق أحدث المعايير اليابانية في مجال التعليم الرقمي. كما أشاد مسؤولو الشركة بالرؤية المصرية الطموحة، التي تضع الذكاء الاصطناعي في صدارة أولوياتها التعليمية، معتبرين أن هذه الشراكة تفتح الباب أمام مشروعات أخرى لتعزيز التعاون الثنائي.
وأشار الوزير محمد عبد اللطيف إلى أن المنصة لن تكون مجرد وسيلة لتدريس مادة جديدة، بل أداة متكاملة تسهم في تطوير طرق التدريس داخل الفصول الثانوية، حيث ستعزز من قدرة الطلاب على التعلم الذاتي والتفكير النقدي، إضافة إلى تنمية مهارات البحث والابتكار. ولفت إلى أن الوزارة تعمل على تنظيم برامج تدريبية مكثفة للمعلمين، حتى يتمكنوا من التعامل بكفاءة مع التكنولوجيا الجديدة وتوجيه الطلاب للاستفادة القصوى من المنصة.
وأوضح أن هذه المبادرة تأتي ضمن خطة أشمل لرقمنة العملية التعليمية في مصر، والتي تتضمن تحديث البنية التحتية التكنولوجية بالمدارس وتزويدها بالأجهزة والشبكات الحديثة، مع العمل على توسيع نطاق التعاون الدولي، سواء مع اليابان أو دول أخرى، في مجال تطوير التعليم.
كما تناول اللقاء الجوانب المرتبطة بالدعم اللوجستي والتنفيذي لإطلاق "كويرو"، بما في ذلك تجهيز الفصول بالوسائل التكنولوجية المطلوبة وضمان تغطية الإنترنت، إضافة إلى متابعة دورية من فرق متخصصة لتذليل أي عقبات تقنية قد تواجه المدارس.
وأشاد مسؤولو "سبريكس" بقدرة وزارة التربية والتعليم على إدارة مشروع بهذا الحجم، مؤكدين أن مصر تُعد من الدول الرائدة في المنطقة في تبني التعليم الرقمي، وأن إدخال البرمجة والذكاء الاصطناعي ضمن المناهج يعكس وعيًا متقدمًا بأهمية مواكبة التطورات العالمية.
وشدد الوزير على أن الهدف النهائي من هذا المشروع هو إعداد جيل جديد مؤهل لسوق العمل المستقبلي، يمتلك أدوات المعرفة التكنولوجية الحديثة، وقادر على المنافسة في مجالات مثل البرمجة والروبوتات وتحليل البيانات. وأضاف أن الوزارة تنظر إلى هذه التجربة باعتبارها حجر أساس لمبادرات تعليمية أخرى ستنطلق خلال الأعوام المقبلة.
حضر اللقاء عدد من قيادات الوزارة، بينهم الدكتور أحمد ضاهر نائب الوزير، والدكتور أيمن بهاء الدين نائب الوزير، والدكتورة هانم أحمد مستشار الوزير للتعاون الدولي والاتفاقيات، حيث ناقشوا مع الجانب الياباني سبل توسيع التعاون ليشمل مشروعات تعليمية إضافية تعزز من جودة العملية التعليمية.
وبهذا الإعلان، تدخل مصر مرحلة جديدة في مسار تحديث التعليم، تجمع بين الخبرة اليابانية والرؤية المصرية لتطوير المناهج، في خطوة من شأنها أن تجعل الطلاب أكثر استعدادًا لمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة والتحولات الرقمية العالمية.

