اختتم وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد علاء فاروق، ووزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي، زيارتهما الرسمية إلى مدينة باري الإيطالية، بجولة ميدانية داخل سوق اليوم الواحد للمزارعين، وهو أحد أبرز التجارب التعاونية التي تطبقها إيطاليا في دعم القطاع الزراعي وتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين.
الزيارة جاءت في إطار برنامج التعاون المشترك مع معهد سيام باري، واستهدفت الاطلاع على تجربة الأسواق التعاونية التي تحظى بانتشار واسع في المدن الإيطالية، حيث نجحت خلال السنوات الأخيرة في تقديم نموذج عملي لربط المزارعين بالمستهلكين مباشرة، دون الحاجة إلى وسطاء تجاريين.
سوق اليوم الواحد: من المنتج إلى المستهلك
يُعد سوق اليوم الواحد أحد أهم المشروعات التي ينفذها الاتحاد التعاوني الإيطالي بالتعاون مع اتحادات الغرف التجارية. السوق الذي زاره الوزيران يضم نحو 25 مزارعًا محليًا، ويأتي ضمن شبكة تضم أكثر من 80 سوقًا مماثلًا في أنحاء إيطاليا.
يقام السوق على مساحة تقارب 1200 متر مربع، جرى تصميمها وفق معايير دقيقة تضمن انسيابية الحركة والتزام المشاركين بالقواعد التنظيمية. ويعرض المزارعون منتجاتهم بأسعار التكلفة تقريبًا، ما يتيح للمستهلك الحصول على سلع طازجة وعالية الجودة بأسعار مناسبة، وفي الوقت ذاته يوفر للمزارعين دخلًا أفضل نتيجة إلغاء حلقات الوساطة.
تجربة تعاونية رائدة
الوزيران المصريان أشادا بالتجربة الإيطالية، مؤكدين أنها نموذج يحتذى به يمكن أن يمثل مصدر إلهام لمصر في تطوير التعاونيات الزراعية. وقالا إن الهدف الأساسي لأي منظومة تعاونية هو السيطرة على الأسعار وخفضها لصالح المستهلك، مع ضمان زيادة دخل المزارعين.
وأشارا إلى أن الدولة المصرية حريصة على الاستفادة من هذه الخبرات الدولية، وأن تجربة الأسواق التعاونية في إيطاليا تبرز كيف يمكن للتعاونيات أن تخلق توازنًا حقيقيًا بين المنتج والمستهلك، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة.
دعم للمزارعين وتعزيز للمعايير البيئية
أحد الجوانب المميزة لهذه التجربة أن الأسواق لا تقتصر على عملية البيع فقط، بل تسهم في تدريب المزارعين على الالتزام بالمعايير البيئية والدولية، بما يؤهلهم لدخول الأسواق المحلية والعالمية على حد سواء. وتهدف هذه العملية إلى رفع مستوى الجودة وتشجيع المزارعين على تبني طرق إنتاج أكثر استدامة.
كما توفر الأسواق خدمات لوجستية وإدارية للمزارعين مقابل رسوم شهرية بسيطة، وتضم مرافق متعددة تشمل مطاعم للعاملين ومساحات مخصصة لتصنيع المنتجات الغذائية الطازجة مثل الألبان واللحوم، مما يضمن أعلى جودة للسلع المعروضة.
ربط التجربة بالواقع المصري
زيارة الوزيران إلى سوق باري جاءت في سياق أوسع يشمل مذكرة التفاهم التي وقعتها مصر مؤخرًا مع معهد سيام باري، والتي تفتح المجال أمام تعزيز التعاون الفني والعلمي بين البلدين في مجال الزراعة والتنمية الريفية.
وأكد وزير الزراعة علاء فاروق أن مصر تتجه بقوة نحو تطوير التعاونيات الزراعية باعتبارها ركيزة أساسية لدعم المزارعين وتحقيق الأمن الغذائي. وأضاف أن التجربة الإيطالية تظهر كيف يمكن للتعاونيات أن تحقق توازنًا حقيقيًا بين البعد الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما تحتاجه مصر في الوقت الراهن.
أما وزير الشؤون النيابية المستشار محمود فوزي فأكد أن نقل مثل هذه التجارب إلى مصر يتماشى مع توجهات الدولة في تحسين مستوى المعيشة وتخفيف الأعباء عن المواطنين، من خلال توفير منتجات ذات جودة عالية وبأسعار عادلة.
خطوة نحو المستقبل
الزيارة عكست حرص الحكومة المصرية على الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، ليس فقط في الجانب الفني والإداري، بل أيضًا في تعزيز فلسفة "من المنتج إلى المستهلك" كآلية لمواجهة تقلبات الأسعار.
وتسعى الدولة من خلال هذا التوجه إلى إحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي، عبر إقامة أسواق تعاونية قادرة على تقليل الفجوة بين المزارع والمستهلك، بما يسهم في تقليل الهدر وتحقيق العدالة السعرية.
وبذلك، جاءت زيارة سوق باري الإيطالي بمثابة فرصة عملية للاطلاع على تجربة متكاملة في إدارة الأسواق التعاونية، يمكن أن تشكل نقطة انطلاق لتطبيق مبادرات مماثلة في مصر. وهي خطوة تنسجم مع رؤية الدولة في دعم المزارعين، وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز التعاون الدولي في مجال التنمية الزراعية.

