شهدت محمية وادي دجلة بالقاهرة اليوم احتفالية واسعة باليوم العالمي للهواء النظيف من أجل سماء زرقاء 2025، في نسخته السادسة، والذي أقرته الأمم المتحدة في 7 سبتمبر من كل عام بهدف رفع الوعي بمخاطر تلوث الهواء وتحفيز الجهود العالمية لحماية البيئة. وجاءت الفعاليات هذا العام تحت شعار "السباق من أجل الهواء"، بمشاركة مؤسسات حكومية ودولية، ومجتمع مدني، وشباب متطوعين وأطفال، في مشهد جسّد روح العمل المشترك من أجل بيئة أكثر استدامة.
وأكدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزيرة البيئة، أن ملف تحسين جودة الهواء بات أولوية قصوى لدى الدولة المصرية في ظل توجيهات القيادة السياسية التي تضع قضايا البيئة وتغير المناخ ضمن ركائز خطط التنمية المستدامة. وأضافت أن الحكومة لا تكتفي بتنفيذ مشروعات كبرى مثل مشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى الممول من البنك الدولي، بل تسعى أيضًا إلى إشراك المواطنين في عملية التغيير من خلال أنشطة توعوية وتفاعلية.
وقالت الوزيرة: "اليوم نؤكد أن حماية حق أبنائنا في هواء نقي مسؤولية جماعية، وأن كل ورشة عمل، وكل سباق، وكل مبادرة نظافة، هي خطوة عملية على طريق تحقيق هذا الهدف"، مشددة على أن التحول نحو أنماط النقل المستدام وتقليل الممارسات السلبية يمثلان محورًا رئيسيًا في خفض الانبعاثات الضارة.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد حسن، المنسق الوطني لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ، أن الفعاليات تضمنت سباقات للجري وركوب الدراجات داخل المحمية، كرسالة عملية على أهمية اعتماد وسائل النقل النشط في الحد من التلوث، بجانب تنظيم حملات تنظيف للمحمية بمشاركة الأطفال والشباب المتطوعين الذين أظهروا وعيًا بيئيًا متزايدًا. وأكد أن ورش إعادة التدوير جعلت من المشاركين سفراء للبيئة، ينقلون رسائل التوعية إلى أسرهم ومجتمعهم.
أما السيد لوران لويس، ممثل البنك الدولي وخبير إدارة الموارد الطبيعية، فقد أبدى سعادته بالمشاركة في الأنشطة، مؤكدًا أن التعاون القائم بين الحكومة المصرية والبنك الدولي في مشروع إدارة تلوث الهواء يعد نموذجًا يحتذى به عالميًا في كيفية مواجهة مصادر التلوث المختلفة من نقل وصناعة ومخلفات. وأوضح أن هذا التعاون يساهم في تحسين مستوى المعيشة، وخلق فرص عمل خضراء، وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وشهدت أروقة محمية وادي دجلة فعاليات موازية لاقت تفاعلًا كبيرًا من الحضور، شملت ورش عمل تفاعلية للأطفال لتعليمهم طرق الحد من النفايات وإعادة التدوير، بجانب أنشطة فنية استخدمت فيها مواد مستهلكة لإنتاج لوحات ورسومات تعكس رؤيتهم لمستقبل بيئة أنظف. كما أقيم معرض مصغر عُرضت فيه منتجات صديقة للبيئة ومنشورات توعوية، بينما توزعت الخيام المظللة التي تحولت إلى مساحات للنقاش والحوار بين الشباب والخبراء حول حلول أزمة تلوث الهواء.
وخلال اليوم، قاد متطوعون من مختلف الفئات العمرية حملة نظافة موسعة داخل المحمية باستخدام أدوات صديقة للبيئة مثل الأكياس القابلة للتحلل والقفازات القابلة لإعادة الاستخدام، وأسفرت الحملة عن إزالة كميات كبيرة من المخلفات البلاستيكية والورقية، وهو ما انعكس فورًا على المشهد البيئي داخل المحمية.
الاحتفالية لم تقتصر على الجانب العملي فقط، بل حملت أيضًا أجواءً تنافسية مبهجة، حيث اختتمت بتوزيع جوائز عينية على الفائزين في السباقات والمسابقات الفنية، في أجواء احتفالية جمعت بين الترفيه والتعلم. وقد أشاد المشاركون بالتنظيم وبالرسائل التوعوية التي صاحبت الفعاليات، مؤكدين أهمية استمرار مثل هذه المبادرات بشكل دوري.
ويذكر أن اليوم العالمي للهواء النظيف أطلقته الأمم المتحدة عام 2020 ليكون منصة سنوية للتوعية بضرورة التصدي للتلوث الهوائي الذي يمثل تهديدًا مباشرًا لصحة الإنسان خاصة الأطفال وكبار السن، فضلًا عن تأثيراته السلبية على الاقتصاد والمناخ. ويهدف اليوم إلى تشجيع الدول والأفراد على اعتماد حلول عملية مثل التوسع في النقل الصديق للبيئة، وتعزيز التشريعات الداعمة للحد من الانبعاثات، وتطوير مشروعات الطاقة المتجددة.
بهذا الحدث، تؤكد مصر التزامها بالمضي قدمًا نحو تحقيق رؤية 2030 للتنمية المستدامة، والعمل يدًا بيد مع شركاء التنمية والمجتمع المدني من أجل بيئة أنظف وحياة أفضل للأجيال القادمة.

