في خطوة جديدة تعكس حرص مؤسسات الدولة الدينية والمدنية على توحيد الجهود من أجل حماية ورعاية النشء، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الدكتورة سحر السنباطي، رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، بمشيخة الأزهر، حيث ناقشا آليات التعاون المشترك لدعم قضايا الطفولة والأمومة في مصر وتعزيز المبادرات الوطنية في هذا المجال.
اللقاء جاء ليؤكد أن حماية الطفل لم تعد مسؤولية فردية أو قطاعية، وإنما هي قضية وطنية شاملة تتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية، التعليمية، والتنفيذية. وقد شدد فضيلة الإمام الأكبر خلال حديثه مع الوفد على أن الأزهر يضع قضايا المرأة والطفل في صدارة اهتماماته، باعتبار أن حماية النشء هي الأساس في بناء مجتمع سليم قادر على مواجهة التحديات.
من جانبها، أعربت الدكتورة سحر السنباطي عن امتنانها لدعم الأزهر المتواصل لقضايا المجلس، مشيرة إلى أن المؤسسة الدينية العريقة تلعب دورًا بارزًا في غرس القيم الأخلاقية والدينية التي تحصن الأطفال من المخاطر الفكرية والاجتماعية. وأوضحت أن المجلس القومي للطفولة والأمومة يسعى باستمرار إلى إطلاق مبادرات وبرامج مشتركة تستهدف رفع الوعي بحقوق الطفل، والتصدي لظواهر مثل العنف الأسري، والتسرب من التعليم، والاستغلال الاقتصادي.
وأكدت السنباطي أن حماية الأطفال ليست مجرد قضية حقوقية بل قضية أمن قومي، حيث أن النشء يمثلون الركيزة الأساسية لمستقبل الدولة. وأضافت أن المجلس يعمل في إطار تكاملي مع مختلف مؤسسات الدولة، سواء من خلال حملات توعية ميدانية، أو عبر آليات قانونية لحماية الأطفال المعرضين للخطر، إلى جانب التنسيق مع النيابة العامة والجهات الأمنية لضمان سرعة الاستجابة لأي بلاغ يتعلق بانتهاكات حقوق الطفل.
شيخ الأزهر أشار من جانبه إلى التحديات الجديدة التي يواجهها الأطفال في ظل التطور التكنولوجي الهائل، موضحًا أن "العزلة الإلكترونية" باتت واحدة من أخطر الظواهر التي تستهدف الأطفال عبر العالم الرقمي. وأكد فضيلته أن الأزهر يعمل على تعزيز الهوية والانتماء لدى الأجيال الجديدة، من خلال المناهج التعليمية والأنشطة التوعوية التي ينظمها قطاع المعاهد الأزهرية ومجمع البحوث الإسلامية.
كما شدد الإمام الأكبر على أن الأزهر على استعداد لتقديم جميع أشكال الدعم للمجلس القومي للطفولة والأمومة، سواء عبر الخبراء في مجالات الوعظ والإرشاد، أو من خلال تطوير برامج تعليمية تعزز قيم التسامح والانتماء وحماية الأطفال من الفكر المتطرف.
اللقاء تطرق أيضًا إلى أهمية إشراك الأطفال والشباب في الفعاليات الوطنية والدينية، بما يعزز شعورهم بالمسؤولية تجاه المجتمع. واتفق الجانبان على تطوير برامج تدريبية وتوعوية تستهدف الأسر والمعلمين والأطفال أنفسهم، من أجل بناء بيئة آمنة وصحية تساعدهم على النمو السليم.
وفي ختام اللقاء، أهدت الدكتورة سحر السنباطي درع المجلس القومي للطفولة والأمومة لفضيلة الإمام الأكبر تقديرًا لدوره الكبير في دعم حقوق الطفل والمرأة. وقد عكس هذا التكريم رسالة رمزية على أن التعاون بين الأزهر والمجلس القومي يمثل شراكة استراتيجية طويلة المدى، تهدف إلى تحقيق مجتمع أكثر عدالة ورعاية للنشء.
حضر اللقاء عدد من القيادات من الجانبين، بينهم مسؤولون من الأزهر الشريف والمجلس القومي، حيث ناقشوا تفاصيل عملية للتعاون في المرحلة المقبلة، مثل إطلاق حملات توعية مشتركة، وتطوير مناهج تعليمية تستند إلى مبادئ حقوق الطفل، وتنظيم فعاليات تثقيفية للأطفال في المدارس والمعاهد الأزهرية.
ويُنتظر أن تشهد الفترة القادمة خطوات عملية لترجمة ما تم الاتفاق عليه إلى برامج على أرض الواقع، بما يسهم في تعزيز شبكة الحماية للأطفال في مصر، خاصة في ظل الظروف المجتمعية الراهنة التي تتطلب حلولًا متكاملة ومستدامة.

