شارك وفد رسمي من هيئة الدواء المصرية برئاسة الدكتور علي الغمراوي، رئيس الهيئة، في فعاليات المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي في الهيئات الدوائية (AIRIS 2025) الذي استضافته العاصمة الكورية سيول بتنظيم مشترك بين وزارة سلامة الغذاء والدواء الكورية (MFDS) ومنظمة الصحة العالمية (WHO). ويعد المؤتمر من أبرز المحافل العالمية المتخصصة في استعراض تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال تنظيم وتطوير الصناعات الدوائية.
وخلال الجلسة الافتتاحية، ألقى الدكتور الغمراوي كلمة أكد فيها أن مشاركة مصر في هذا الحدث تأتي انعكاسًا لدورها المتنامي كإحدى أهم الدول الفاعلة في مجال الرقابة الدوائية على مستوى القارة الإفريقية. وأوضح أن الهيئة تبذل جهودًا مستمرة من أجل تعزيز مكانة مصر كمرجع إقليمي في مجالات التنظيم والرقابة وتطوير السياسات الدوائية، مشيرًا إلى أن ذلك يتماشى مع رؤية الدولة في دعم الصناعات الحيوية وفتح آفاق جديدة للاستثمار الدوائي.
ولفت رئيس هيئة الدواء المصرية إلى أن مصر تمثل أكبر سوق دوائي في إفريقيا من حيث حجم الإنتاج وحجم الاستهلاك، حيث تمتلك قاعدة صناعية قوية تغطي أكثر من 90% من الاحتياجات المحلية للأدوية واللقاحات. كما أشار إلى أن مصر هي الدولة الإفريقية الأولى التي حصلت على المستوى الثالث من منظمة الصحة العالمية في نظم الرقابة الدوائية، وهو ما يعكس كفاءة المنظومة المصرية وقدرتها على تلبية المعايير الدولية.
وخلال كلمته، شدد الغمراوي على أهمية التعاون بين الدول والهيئات التنظيمية لتعزيز الابتكار في مجال المستحضرات الطبية المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن مصر منفتحة على الشراكات الدولية وتعمل على توفير بيئة داعمة لجذب الاستثمارات في القطاع الدوائي. وأضاف أن الموقع الجغرافي لمصر يجعلها بوابة رئيسية لدخول الشركات العالمية إلى السوق الإفريقية، بما يسهم في توسيع نطاق إتاحة الأدوية والمنتجات الطبية عالية الجودة.
وعلى هامش المؤتمر، شارك الدكتور أسامة حاتم، معاون رئيس الهيئة للسياسات والتعاون الدولي والمشرف على الإدارة المركزية للسياسات الدوائية ودعم الأسواق، في جلسة مخصصة لمناقشة مستقبل السياسات الدوائية في ظل التطورات التكنولوجية. وأوضح حاتم أن المؤتمر يتيح فرصة مهمة للاطلاع على أحدث التجارب التنظيمية الدولية في مجال المستحضرات الطبية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدًا حرص هيئة الدواء المصرية على الاستفادة من تلك التجارب وتوظيفها في تطوير سياساتها بما يضمن مواكبة المتغيرات العالمية.
وأشار حاتم إلى أن التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الدواء لا يقتصر على مراحل البحث والتطوير فحسب، بل يمتد ليشمل نظم الرقابة وتحليل البيانات وإدارة سلاسل الإمداد، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة أمام تطوير المنظومة الصحية بشكل عام. وأكد أن الهيئة تسعى لأن تكون في مقدمة الجهات التنظيمية التي تتبنى هذه التطبيقات وتضع أطرًا واضحة لاستخدامها بما يحقق التوازن بين تشجيع الابتكار وضمان سلامة المرضى.
ويعد مؤتمر AIRIS من أبرز المنصات العالمية المتخصصة في مناقشة التوجهات الحديثة في تنظيم صناعة الدواء، حيث يجمع سنويًا قادة الهيئات التنظيمية الدولية وخبراء الصناعة والأوساط الأكاديمية إلى جانب ممثلين عن منظمات الصحة العالمية. ويركز المؤتمر على استعراض أحدث التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في مراحل تطوير المستحضرات الطبية ومتابعة جودتها وفاعليتها.
وتعكس مشاركة هيئة الدواء المصرية في هذا المحفل الدولي مدى الاهتمام الذي توليه الدولة المصرية لتطوير صناعة الدواء ودعم البحث العلمي والتقنيات الحديثة، إضافة إلى حرصها على تعزيز مكانتها كجهة تنظيمية ذات ثقل عالمي. كما تبرز هذه المشاركة توجه مصر نحو الانفتاح على التجارب الدولية، بما يعزز من قدرتها على مواكبة التطورات المتسارعة في القطاع الصحي والدوائي.
وأكد المشاركون في الجلسات المختلفة بالمؤتمر أن التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي بالقطاع الدوائي أصبح ضرورة وليس خيارًا، في ظل التحديات العالمية المرتبطة بإنتاج وتوزيع الأدوية وضمان توافرها بالأسواق. وفي هذا الإطار، أشار وفد هيئة الدواء المصرية إلى أن التجربة المصرية في الرقابة والتصنيع الدوائي يمكن أن تمثل نموذجًا مهمًا لدول المنطقة الإفريقية والعربية.
وتختتم الهيئة مشاركتها في المؤتمر بعدد من اللقاءات الثنائية مع ممثلي الهيئات التنظيمية والشركات الدوائية العالمية لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات. ومن المتوقع أن تفتح هذه اللقاءات آفاقًا جديدة للشراكات الاستثمارية التي تدعم قطاع الدواء المصري والإفريقي على السواء.

