شهدت العاصمة القاهرة توقيع مذكرة تفاهم جديدة بين جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر ووزارة التشغيل والتكوين المهني في الجمهورية التونسية، وذلك بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجال دعم ريادة الأعمال وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب في كلا البلدين.
وجرى توقيع الاتفاق بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والسيدة سارة الزعفراني، رئيسة حكومة الجمهورية التونسية، في إطار الزيارة الرسمية التي تقوم بها إلى القاهرة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. ووقع الاتفاق من الجانب المصري السيد باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات، بينما وقعه من الجانب التونسي السفير محمد بن يوسف، سفير الجمهورية التونسية لدى القاهرة.
وخلال مراسم التوقيع، أكد باسل رحمي أن القيادة السياسية في مصر تدرك تمامًا أهمية العمل العربي المشترك في مجالات التنمية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن مذكرة التفاهم مع تونس تأتي تنفيذًا لتوجيهات رئيس الوزراء بضرورة تبادل الخبرات مع الدول العربية الشقيقة للنهوض بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأضاف أن هذا التعاون يمثل خطوة مهمة نحو دعم ثقافة ريادة الأعمال لدى الشباب وتعزيز قدراتهم على الابتكار والإبداع.
وأوضح رحمي أن الاتفاقية ستفتح المجال أمام برامج تبادل الخبرات الفنية والتقنية بين الجانبين، إلى جانب تنفيذ برامج تدريبية مشتركة تستهدف الشباب في مجالات ريادة الأعمال، التمويل، والتسويق. كما أشار إلى أن الجهاز سيعمل مع الجانب التونسي على إنشاء حاضنات أعمال وحاضنات تكنولوجية لدعم الأفكار المبتكرة وتحويلها إلى مشروعات اقتصادية ناجحة.
من جانبها، أعربت رئيسة الحكومة التونسية عن تقديرها لمستوى العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر وتونس، مؤكدة أن الاتفاق الجديد يمثل بداية مرحلة جديدة من التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية والتشغيل. وشددت على أن بلدها حريص على الاستفادة من الخبرة المصرية في مجال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها إحدى الأدوات الرئيسية لخلق فرص عمل مستدامة وتعزيز النمو الاقتصادي.
وتنص مذكرة التفاهم على التعاون في تنظيم معارض مشتركة لمنتجات المشروعات الصغيرة، بما يتيح لأصحاب تلك المشروعات فرصًا أوسع للتسويق والتصدير والنفاذ إلى الأسواق العالمية. كما تهدف إلى تطوير خدمات الدعم الفني والتسويقي، بما يساعد رواد الأعمال في مصر وتونس على رفع كفاءة مشروعاتهم وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
وأشار رحمي في تصريحاته عقب التوقيع إلى أن الاتفاق سيسهم أيضًا في تعزيز التبادل التجاري بين مصر وتونس، حيث ستتاح منتجات المشروعات الصغيرة في أسواق البلدين، مع إمكانية التوسع في النفاذ إلى الأسواق الإقليمية والإفريقية. وأكد أن التعاون المصري التونسي في هذا القطاع يفتح آفاقًا واعدة أمام الشركات الناشئة ورواد الأعمال، خاصة مع تزايد الاهتمام الإقليمي والعالمي بالمشروعات الصغيرة كأحد محركات النمو الرئيسية.
ويرى مراقبون أن الاتفاق الجديد يعكس توجه البلدين نحو تعميق التعاون الاقتصادي العربي، في ظل التحديات التي تواجه أسواق العمل في المنطقة، والتي تتطلب حلولًا مبتكرة للتشغيل ودعم رواد الأعمال. كما أن التعاون بين القاهرة وتونس في هذا المجال يبرز الدور المتنامي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصادات الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة.
ويؤكد خبراء أن مثل هذه الاتفاقيات تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، إذ تتيح فرصًا أكبر للتعاون بين الشباب العربي في مجالات الابتكار وريادة الأعمال. كما أنها تعكس رغبة البلدين في تفعيل أطر التعاون الثنائي بما يتجاوز الجانب السياسي ليشمل المجالات الاقتصادية والاجتماعية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
وبحسب ما أعلنه الجانبان، ستبدأ اللجان الفنية المشتركة عملها خلال الأسابيع المقبلة لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية ووضع آليات عملية لتبادل الخبرات وتنسيق البرامج المشتركة. ومن المتوقع أن تسفر هذه الخطوات عن نتائج ملموسة خلال الفترة المقبلة، خاصة في ما يتعلق بزيادة فرص العمل للشباب وتوسيع قاعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدين.
ويأتي هذا الاتفاق ضمن سلسلة من الخطوات التي تتخذها مصر لتعزيز تعاونها مع الدول العربية والإفريقية في مجال دعم ريادة الأعمال، بما ينسجم مع خطط الدولة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة وخلق اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة.
