في خطوة تعكس التوجه المصري نحو الانفتاح على الشراكات الدولية في مجال صناعة الدواء، وقعت هيئة الدواء المصرية مذكرة تفاهم مع وزارة سلامة الغذاء والدواء في كوريا الجنوبية، وذلك على هامش المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي "AIRIS 2025"، الذي تستضيفه العاصمة الكورية سيول بمشاركة نخبة من الخبراء والجهات التنظيمية العالمية.
وقّع عن الجانب المصري الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، بينما وقّعت عن الجانب الكوري الدكتورة يو-كيونغ أوه، وزيرة وزارة سلامة الغذاء والدواء، بحضور ممثلين من الهيئتين وعدد من المسئولين المشاركين في فعاليات المؤتمر.
تعاون استراتيجي
تمثل هذه المذكرة محطة بارزة في مسيرة التعاون بين القاهرة وسيول، حيث تهدف إلى تبادل الخبرات وتعزيز القدرات الرقابية والتنظيمية المتعلقة بالمنتجات الطبية. وتكتسب المذكرة أهمية خاصة بالنظر إلى أن وزارة سلامة الغذاء والدواء الكورية حصلت مؤخرًا على اعتماد منظمة الصحة العالمية كجهة رقابية مرجعية (WLA)، وهو ما يرفع من قيمة الشراكة ويمثل إضافة نوعية لمنظومة الدواء المصرية.
دعم المكانة الدولية لمصر
وأوضح الدكتور علي الغمراوي أن توقيع المذكرة يفتح الباب أمام الاستفادة من الخبرات الكورية في مجال الرقابة الدوائية والذكاء الاصطناعي المستخدم في تحليل البيانات الطبية، بما يدعم جهود مصر للحصول على المستوى الرابع من النضج الرقابي وفق تصنيف منظمة الصحة العالمية. وأكد أن هذه الخطوة ستساهم في رفع كفاءة المنظومة الدوائية الوطنية وتعزيز ثقة المجتمع الدولي في الأدوية المصنعة محليًا.
وأضاف أن التعاون مع كوريا الجنوبية يأتي امتدادًا لسلسلة من الاتفاقيات التي أبرمتها الهيئة مع جهات تنظيمية في أوروبا وأفريقيا وآسيا، ضمن رؤية مصر لبناء شبكة من الشركاء الدوليين تسهم في تنويع مصادر المعرفة وتبادل التجارب.
فوائد مباشرة للقطاع الدوائي
من جانبها، أشادت وزيرة سلامة الغذاء والدواء الكورية بأهمية التعاون مع مصر في ظل العلاقات المتميزة بين البلدين، مؤكدة أن المذكرة ستتيح فرصًا واسعة لتبادل المعلومات والخبرات في مجال تسجيل الأدوية ومتابعة سلامتها بعد الطرح في الأسواق. كما شددت على أن التعاون لا يقتصر على الجوانب الرقابية فحسب، بل يمتد ليشمل تطوير الكوادر البشرية، ودعم برامج البحث والتطوير، وتبادل الخبراء في المختبرات الرقابية.
وتشير التقديرات إلى أن الاتفاق سيعزز فرص الاستثمار المباشر في قطاع الدواء المصري، ويفتح آفاقًا أوسع أمام تصدير المستحضرات الطبية المصرية إلى أسواق جديدة في آسيا وأفريقيا، لاسيما في ظل ما تتمتع به كوريا الجنوبية من مكانة عالمية في الصناعات الدوائية والتكنولوجيا الحيوية.
خطوة نحو الاعتماد العالمي
وتسعى هيئة الدواء المصرية عبر هذه الخطوة إلى تمهيد الطريق نحو الحصول على أعلى مستويات النضج الرقابي، وهو ما سينعكس على تنافسية سوق الدواء المصري عالميًا. فالوصول إلى المستوى الرابع من منظمة الصحة العالمية يعني أن مصر ستصبح من الدول المرجعية في الرقابة على الأدوية، وهو ما يدعم قدرة الشركات الوطنية على تسجيل منتجاتها في الأسواق الدولية بسهولة أكبر.
مشاركة فاعلة في مؤتمر الذكاء الاصطناعي
تأتي المذكرة في إطار مشاركة هيئة الدواء المصرية في مؤتمر "AIRIS 2025"، الذي يناقش أحدث تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات الرعاية الصحية والدواء. وقدمت الهيئة خلال المؤتمر ورقة عمل حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة مراجعة ملفات الأدوية، ورصد الآثار الجانبية بشكل أسرع وأكثر دقة.
وأكد مسئولو الهيئة أن هذه المشاركة تعكس المكانة المتنامية لمصر كجهة تنظيمية رائدة على المستويين الإقليمي والدولي، وتظهر انفتاحها على التعاون مع الشركاء الدوليين في القضايا العلمية والرقابية المعاصرة.
مستقبل الصناعة الدوائية
ويرى خبراء أن توقيع مذكرة التفاهم مع كوريا الجنوبية يعزز من مساعي مصر للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة وتصدير الأدوية، خاصة مع توجه الدولة لدعم البحث العلمي وتشجيع الاستثمارات في مجال الصناعات الدوائية والبيوتكنولوجية.
كما يمثل الاتفاق خطوة متقدمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المستحضرات الاستراتيجية، وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يدعم الأمن الصحي القومي ويخدم خطط التنمية المستدامة في مصر.

