في إطار اللقاءات الدورية التي تعقدها الحكومة المصرية مع مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وفدًا رفيع المستوى من مؤسسة "ستاندارد آند بورز" العالمية، لبحث مستجدات الاقتصاد المصري وتقييم مسار الإصلاحات التي تنفذها الدولة.
وضم الوفد عددًا من أبرز مسؤولي المؤسسة، من بينهم روبيرتو سيفون أريفالو، الرئيس العالمي لتصنيفات الديون السيادية ومؤسسات التمويل متعدد الأطراف بالوكالة، وبنجامين يونج، المدير التنفيذي ورئيس قطاع تصنيفات السيادة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إضافة إلى رافي باتيا، مدير تصنيفات الديون السيادية والمالية العامة الدولية.
وخلال الاجتماع، عرضت وزيرة التخطيط أبرز التطورات على صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلي خلال العام المالي 2024/2025، مشيرة إلى أن الاقتصاد المصري واصل تحقيق معدلات نمو إيجابية، حيث سجل نحو 4.2% خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي مقارنة بـ 2.4% في الفترة المقابلة من العام السابق. وأرجعت الوزيرة هذا التحسن إلى الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها في مارس 2024، والتي أسهمت في تعزيز مساهمة قطاعات حيوية مثل الصناعات التحويلية غير البترولية، السياحة، الصادرات، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأكدت الوزيرة أن المؤشرات الأولية للعام المالي المنتهي تُظهر نتائج أفضل من المتوقع، وهو ما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على تجاوز التحديات المحلية والعالمية، بفضل السياسات المالية والنقدية المتوازنة، وبرامج الإصلاح الهيكلي التي تبنتها الحكومة.
وتطرقت المشاط إلى "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" التي أطلقتها الحكومة مؤخرًا، موضحة أنها تمثل إطارًا متكاملًا يربط بين خطة عمل الحكومة للأعوام 2024/2025 – 2026/2027 ورؤية مصر 2030. وأشارت إلى أن السردية تستهدف تعظيم الاستفادة من قطاعات الاقتصاد الحقيقي، والانتقال إلى الأنشطة الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على النفاذ إلى الأسواق التصديرية، بما يدعم تنافسية الاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والدولي.
كما أوضحت أن الإصلاحات الأخيرة أدت إلى تسارع وتيرة الاستثمار الخاص، حيث ارتفع بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام المالي، ليصل إلى 142.8 مليار جنيه، متجاوزًا حجم الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، ليستحوذ على نحو 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة (باستثناء المخزون).
وشددت وزيرة التخطيط على أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات شاملة تستهدف تمكين القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، مع التركيز على التحول نحو الاقتصاد الأخضر وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة. وأكدت أن هذه السياسات تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في مختلف القطاعات.
كما تناولت المشاط خلال اللقاء الجهود المبذولة لخفض الدين الخارجي وتعزيز استدامة الدين العام، موضحة أن الحكومة تتبع نهجًا قائمًا على الحوكمة الدقيقة في إدارة التمويلات التنموية، وتوسيع قاعدة الشراكات مع المؤسسات الدولية، بما يتيح توفير تمويلات ميسرة تدعم المشروعات ذات الأولوية.
وأكدت الوزيرة أن مصر باتت منصة للتمويلات التنموية للقطاع الخاص بفضل شراكاتها المتنوعة مع المؤسسات الدولية، مشيرة إلى أن ذلك يعكس ثقة الشركاء في قدرة الاقتصاد المصري على النمو والتعافي.
وفي سياق متصل، كشفت الوزيرة عن بدء العمل على تنفيذ اللائحة التنفيذية لقانون التخطيط العام للدولة، مشيرة إلى أنه ولأول مرة سيتم إعداد خطة اقتصادية واجتماعية متوسطة الأجل لمدة ثلاث سنوات تبدأ من العام المالي 2026/2027، وهو ما يمنح رؤية أوضح لصانعي القرار والمستثمرين بشأن توجهات الاقتصاد المصري على المدى المتوسط.
من جانبهم، أشاد ممثلو مؤسسة "ستاندارد آند بورز" بما حققته مصر من خطوات ملموسة في مجال الإصلاح الاقتصادي، مؤكدين أن المؤشرات الإيجابية الأخيرة تعكس التزام الدولة بمسار الإصلاح وتعزيز دور القطاع الخاص. وأشاروا إلى أن متابعة المؤسسة لمستجدات الاقتصاد المصري مستمرة، خاصة في ضوء التطورات العالمية التي تفرض تحديات على الاقتصادات الناشئة.
ويُذكر أن مؤسسة "ستاندارد آند بورز" تُعد من أبرز مؤسسات التصنيف الائتماني على مستوى العالم، وتُعنى بتقييم الجدارة الائتمانية للدول والمؤسسات، حيث تُسهم تقييماتها في تشكيل صورة الأسواق الدولية عن أوضاع الاقتصادات المختلفة.
ويأتي هذا اللقاء في إطار حرص الحكومة المصرية على تعزيز الشفافية والتواصل مع شركائها الدوليين، والتأكيد على التزامها بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية لضمان استدامة النمو وتحقيق التنمية الشاملة.

