عاجل 🔸 محمد حسن يهدي مصر ذهبية العالم للمصارعة ويؤكد تفوق جيل الموهبة    🔸 مايا مرسي تحتفي بأبطال السلة على الكراسي وتؤكد: الإرادة تصنع المجد    🔸 مصر تدعو لشراكة صناعية خضراء مع أوروبا تحقق التوازن التجاري المستدام    🔸 رانيا المشاط: شراكة مصر وأوروبا تتجاوز التمويل إلى بناء مستقبل اقتصادي مشترك    🔸 وزير السياحة يستعرض التجربة المصرية في تطوير البنية السياحية بأفريقيا    🔸 نائب وزير الصحة يتابع تطوير مستشفيات شمال سيناء ميدانيًا    🔸 رئيس الوزراء يبحث مع سيتك الصينية توطين صناعة التحلية    🔸 المثلث الذهبي وكادمار يطلقان أول مركز لوجيستي بسفاجا    🔸 القمة المصرية الأوروبية تبحث فرص الاستثمار والتحول الصناعي ببروكسل    🔸 وزارة العمل تضخ دعمًا جديدًا لحماية العمالة غير المنتظمة    🔸 الرقابة المالية تُفعّل التحول الرقمي الكامل بتوزيع أرباح المستثمرين إلكترونيًا    🔸 وزير العدل يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون القضائي    🔸 مدبولي يتابع خطة ضبط النيل وحماية الموارد المائية    🔸 حماية المستهلك يشدد الرقابة على الأسواق بعد زيادة الوقود    🔸 وزير التعليم يتفقد مدارس أسيوط ويشيد بانضباط الدراسة    🔸 "مايا مرسي: القيادة الحقيقية تصنعها القلوب الشجاعة"    🔸 "مصر تدعو لخفض تكاليف التمويل وتعزيز التنمية"    🔸 "إطلاق جائزة التميز الحكومي للقطاع الصحي المصري"    🔸 وفد صيني يبحث مع اقتصادية القناة التعاون في الموانئ والخدمات    🔸 وزير العمل يبحث مع وفد قطري آفاق التعاون المشترك   
رئيس التحرير: رمضان أبو إسماعيل | رئيس مجلس الإدارة: محمد الدهشوري
إعلان الهيدر
... YouTube TikTok
الرئيسية سياسة اقتصاد محافظات مقالات الجمهورية الجديدة TV
رمضان ابو إسماعيل يكتب: الدعم.. قلق يتجدد بين الحين والآخر

رمضان ابو إسماعيل يكتب: الدعم.. قلق يتجدد بين الحين والآخر

رمضان ابو إسماعيل يكتب: الدعم.. قلق يتجدد بين الحين والآخر
حظيت قضية الدعم بما لم تحظي به غيرها من قضايا الشأن الاقتصادي، فمنذ اقدام الحكومة علي تخصيص مليون جنيه لدعم السلع الغذائية في موازنة العام 1941، لتقليل وطأة ارتفاع أسعار السلع الغذائية بفعل الحرب العالمية الثانية، حيث استوردت كميات كبيرة من الدقيق والقمح من استراليا، وقامت ببيعه في منافذ حكومية بأسعار مخفضة، ثم توسعت في البرنامج الذي شمل جميع المواطنين، ليشمل السكر والكيروسين والزيت والشاي باستخدام نظام البطاقة التموينية لتوزيع المواد على المستهلكين شهريا، وبمقدار محدد للشخص الواحد في الأسرة.
ولم تجد فيما بعد حكومات ثورة 23 يوليو المتعاقبة بد من الاستمرار في هذه السياسة، لتأكيد حرصها علي المواطن محدود الدخل، بل بمرور الوقت بدأت الحكومة تتوسع في برامج دعم الفقراء، وجاءت هزيمة 1967 لتضيف بعدا جديدا للقضية، لأن الحكومة استخدمت هذه الألية للتحكم في توزيع السلع بشكل أكثر وضوحا خاصة مع توجيه جل قدرات الاقتصاد للمجهود الحربي، مما ترتب عليه فوضي الأسواق.
الانفتاح الاقتصادي
لكن تبدلت الأحوال مع بداية عهد مصر بسياسة الانفتاح الاقتصادي، التي تبناها الرئيس السادات ومن بعده مبارك، وبالتالي مع التحول من رأسمالية الدولة الناصرية إلي اقتصاد السوق، تحولت الرؤية للدعم من كونه ألية لحماية الطبقات الفقيرة من تقلبات الأسواق إلي معوق للتحرر الاقتصادي وعبء علي مالية الحكومة، التي تعاني زيادة مطردة في النفقات العامة في مقابل محدودية الإيرادات، ومع بداية تعاون الحكومة مع صندوق النقد الدولي في 1976، كان السعي إلى تقليص الدعم هدفا أساسيا للسياسة الاقتصادية.
ووجدت الحكومة نفسها عاجزة أمام مطالب صندوق النقد الخاصة بتقليص الدعم، لأن إدارك هذا الأمر قد يترتب عليه رفض جماهيري يهدد الاستقرار السياسي، إلا أن هذه التخوفات لم تقف حائلا أمام اصدار قرارات يناير 1977 الخاصة برفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، مما ترتب عليه مظاهرات في الشارع رافضة بشدة لهذه القرارات (الانتفاضة الشعبية في يناير 1977)، فتراجع السادات عن القرارات وهدأ الشارع، وبقيت رغبة الحكومة في الإجهاز علي الدعم متوحشة تنتظر الوقت المناسب للنيل من فريستها، التي تضخمت بمرور السنون.
فـ"الدعم" تضاعف بشكل المتوالية الهندسية منذ العام 1941، الذي خصص فيه مليون جنيه للدعم السلعي، حتي وصلت إلي نحو 205 مليار جنيه في العام المالي الحالي، فيما تذهب المؤشرات إلي أن مخصصات هذا البند في الموازنة الجديدة 2014/ 2015 تبلغ نحو 246 مليار جنيه أي قرابة 30% من الانفاق الإجمالي، موزعة علي دعم السلع التموينية، والمواد البترولية، والكهرباء، والصادرات، ونقل الركاب، والإنتاج الصناعي، وإسكان محدودي الدخل، والتأمين الصحي، والأدوية.
أمر محال
وبعد أن ادركت السلطة السياسية أن إلغاء الدعم أمر محال، بدأت تتعامل مع الأمر بشئ من الهدوء حتي لا تتكرر انتفاضة 1977، وبالفعل شهدت مخصصات هذا البند تراجعا مع بداية العقد التاسع من القرن الماضي حتي منتصف العقد الأول من القرن الحالي، لتعود مخصصاته في الصعود مرة أخري بظهور رافد جديد، وهو، دعم الطاقة بشكل واضح منذ العام 2005 مع الزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء والنفط، الذي أصبح يستحوذ، بمرور الوقت، علي أكثر من 60% من مخصصات الدعم.
وأمام هذا التضخم الملحوظ في مخصصات الدعم وتحديدا دعم الطاقة، زادت حدة الجدل حول ضرورة إعادة النظر في منظومة دعم الطاقة، التي تقد ر تكلفتها هذا العام بنحو 130 مليار جنيه، مما دفع المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، للتأكيد بعد أيام من توليه المسئولية أن الفترة المقبلة ستشهد إعادة هيكلة دعم الطاقة، بحجة أنه لا يصل إلى مستحقيه والأثرياء يتمتعون بالجزء الأكبر منه.
وتكشف أرقام موازنة العام 2011/ 2012 أن السولار يستحوذ علي الجانب الأكبر من الدعم بنحو 48%، المازوت 14%، يليه البوتاجاز 14%، ثم البنزين 13%، والغاز الطبيعي 10%، نلاحظ أن تكوينة الدعم غير متناسبة مع الاستهلاك، فالغاز الطبيعي والمازوت يشغلان نحو 70%، لكن حجم الدعم لهما لا يزيد علي 24%، والسولار يستحوذ علي 50% من تكلفة الدعم.
استراتيجية الحكومة
وتقوم استراتيجية الحكومة لإصلاح وإعادة هيكلة دعم وتسعير الطاقة، في رأي د. أشرف العربي، وزير التخطيط والتعاون الدولي، علي مواصلة الجهود لإنجاح نجربة نظام الكروت الذكية للوقود، حيث تم الانتهاء من توزيع 2 مليون كارت وجارٍ العمل على استخراج 2.5 مليون كارت آخر.
وتعمل الحكومة بالتزامن مع سعيها للانتهاء من استخراج الكروت الذكية على خلق قاعدة بيانات موحدة للمواطنين، حتى يتسنى تحقيق أهداف برامج الأمان الاجتماعي، التي تعتزم الحكومة إطلاقها، مثل التحويل النقدي المباشر ودعم النقل وغيرها، علما بأن الحكومة تعتزم إطلاق حملة للتواصل مع المجتمع لشرح رؤيتها في هذا الإطار، خاصة أن مخصصات هذا الدعم زاد من 1 مليار جنيه في 1995 إلي أكثر من 100 مليارا في 2011.
وبدورها، بدأ وزارة المالية في اقامة حوار مجتمعي حول قضية إصلاح دعم الطاقة، وذلك عبر مدونة الحوار التي انشأتها مؤخرا، وعرضت المدونة لدراسة جادة اعدها د. تامر أبو بكر، رئيس لجنة الطاقة رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، أكد فيها أن "سوء أدارة ملف الطاقة"، خلال العشر السنوات الأخيرة، يعود فى الأساس إلى الجمود والتردد والخوف مع الخلط والمغالطة لأفضاليات أقتصاديات الأستخدام للطاقات الجديدة والمتجددة، وذلك فى أطار الدعم الشديد والسافر للبترول.
وتحتم طبيعة المشكلة المتفاقمة إتخاذ قرارات جريئة غير تقليدية حازمة وحاسمة بعيدة عن الروتين والبطء والتباطؤ لمواجهة أزمة الطاقة الطاحنة الواردة فى الفترة المقبلة، خاصة أن دقائق المشكلة مرصودة جيدا والحلول معروفة لدى المسئولين والخبراء، ومن ثم لابد من الاقدام والجرأة في علاج أزمات هذه المنظومة، وذلك مع مراعاة أهمية مصارحة الشعب بالموقف الحقيقى للأثار السلبية لإستمرار الدعم بالألية الحالية، بشفافية وذكاء مع مراعاة عدم المساس بمحدودي الدخل، وذلك من خلال آلية دعم جديدة تختلف عن ألية الدعم العيني الحالية، شريطة أن تحظي هذه الألية بقبول مجتمعي.
حتمية اصلاح الدعم
ويدلل علي حتمية اصلاح الدعم، كما جاء في ورقة العمل، التي اعدها د. أبو بكر بعنوان "معالجة مشاكل الطاقة بمصر 2014"، أن نسبة أستفادة الفقراء من دعم الطاقة أقل من 30% من أجمالى الدعم (21% بوتجاز 9% بنزين 80)، وأن زيادة أسعار المنتجات تدريجيا خلال 4 سنوات يترتب عليه وفرة قدرها 22 مليار جنيه في السنة الأول، و55 مليار في السنة الثانية، و90 مليارا في السنة الثالثة، و126 مليارا في السنة الرابعة، ويتوقع أن يصل نصيب كل بطاقة تموين من الوفرة كدعم نقدي نحو 323 جنيها شهريا، علاوة علي تخصيص 9.2 مليار جنيه دعم للصادرات.
واقترح د. أبو بكر استراتيجية تقوم علي عدة محاور تتمثل في ضرورة تبني خطة قومية للتحول إلي استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من المنتجات البترولية، والعمل علي الاستيراد الفوري للغاز السائل بالناقلات بحرا، علي أن يتم استيراد كميات إضافية من المازوت بدءا من مايو ولمدة 6 شهور لعبور فترة الصيف الحرجة، في حال تعذر توفير الغاز المسال فورا، والبدء في التفاوض مع شركات البترول العالمية المكتشفة للغاز بالبحر المتوسط، وذلك لرخص سعره بمقدار 50%، وسرعة سداد المستحقات المتأخرة للشركاء الأجانب، والعمل علي تطوير البنية الأساسية لشبكات الغاز وشبكات المنتجات البترولية.
ولابد، أيضا، الحرص علي زيادة أستخدام الوقود الأحفورى (الفحم) لصناعتى الأسمنت والحديد، وتأمين أحتياجات البلاد من قدرات توليد كهربائية تقدر بـ75 ألف ميجا وات فى عام 2030، وذلك بتنويع مصادر الأنتاج، لتبلغ نسبة مساهمة الطاقة الشمسية 18%، والرياح 8%, والفحم والمخلفات 6%، والمائي 3%، والغاز 54%، مما يستوجب تحفيز القطاع الخاص علي مزيد من الاستثمارات في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.
ويرهن د. أبو بكر نجاح الاستراتيجية بوضع التشريعات اللازمة, وخلق أليات وأدوات التمويل, وزيادة مجالات البحث والتطوير وخفض التكلفة والتدريب، بالتزامن مع رفع أسعار المنتجات البترولية وأسعار الكهرباء تدريجياً مع دعم الفقراء من خلال توزيع 40% من الوفر علي حاملى بطاقات التموين الذكية، و20% كدعم للصادرات، علي أن يتم توزيع باقي الوفر علي موازنة التعليم والصحة والبحث العلمي، وأعادة هيكلة سوق الطاقة تدريجيا بحيث يكون سوق مفتوح من خلال بورصة للطاقة خلال 10 سنوات تحت رقابة جهاز لتنظيم سوق الطاقة وحماية المستهلك، مما يستوجب المضي قدما في أنشاء مجلس أعلى للطاقة.
ويلزم، كما ذكر د. أبو بكر، لتنفيذ هذه الاستراتيجية أن تحرص الحكومة علي اتخاذ عدد من الإجراءات، أهمها، بدء رفع أسعار المنتجات البترولية تدريجياً، بحيث نصل إلي سعر التكلفة خلال 4 سنوات، والحرص علي أن يتم رفع الأسعار على مستوى الدولة كلها، وأن تكون أسعار المنتجات متناسقة مع بعضها في كل مرحلة، وتحديث قاعدة بيانات البطاقات التموينية الذكية، لضمان وصول الدعم النقدي إلي مستحقيه، ووضع خطة قومية للتحول الى أستخدام الغاز الطبيعى، وعدم تشغيل أى محطة كهرباء بالمازوت.
كانت وزارة المالية قد اعلنت قبل عامين عن خطة لهيكلة واصلاح دعم الطاقة، تقوم علي تنفيذ مشروع لتوزيع السولار والبنزين 80 واسطوانات البوتجاز بنظام الكروت الذكية، بحيث يتم تخصيص كميات محددة لكل سيارة تكفي الاستهلاك الطبيعي بالأسعار المدعومة فيما تتاح الكميات فيما يزيد عن هذه المخصصات بأسعار تقترب من سعر التكلفة الحقيقية، ورفع أسعار الغاز الطبيعي والمازوت للقطاع الصناعي بواقع 25% سنويا لمدة 4 سنوات، وفك الاشتباك بين وزارتي البترول والكهرباء من خلال دخول وزارة المالية كمسئول عن التمويل، والتحول إلي الغاز، وأخيرا، السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي.
مشروعات سابقة
تدني الكفاءة الاقتصادية لمنظومة الدعم، في رأي د. ماجدة قنديل، المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، تجعل من الضروري الإسراع في تنفيذ السياسات والإجراءات، التي من شأنها علاج التشوهات التي تعانيها هذه المنظومة التي تستحوذ علي أكثر من 30% من الموازنة العامة، يذهب أكثر من 70% منها إلي دعم الطاقة، الذي يذهب80% منه، كما تأكد بالدراسة، إلي من لا يستحق، علاوة علي أنه لم يساعد بشكل ملحوظ في جذب المزيد من الاستثمارات، ولم يترتب عليه تحسنا ملحوظا في أداء الميزان التجاري، فإنه من الضروري أن تكون هناك جهود فاعلة لترشيده.
لكن لابد أن يأتي التدخل متدرجا للوصول إلي النقطة المثالية، فالمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة تنتج للتصدير، وبالتالي لا يصح أبدا أن يتم دعم هذه المنتجات من الموازنة العامة، لابد ان تتحمل هذه المصانع مسئوليتها بأن تمد يد العون للحكومة للبدء في تنيفذ هذه الخطة، وأنه لا مانع من أن تقوم الدولة بدورها في اقرار خطة بديلة لدعم هذه الصناعات، وربط الدعم بأجندة للتوظيف وزيادة الانتاج والصادرات، وزيادة تنافسية المنتج المحلي.
ونجاح هذه الخطة، وفقا لـ"د. قنديل"، مرهون بقدرة الحكومة علي الجلوس مع أصحاب المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة للوصول إلي أنسب قرار بخصوص هذا الملف، لأن شعور هؤلاء المستثمرين بأنهم شاركوا في صناعة قرار اصلاح الدعم، الذي يستهدف تقليل عجز الموازنة سيكتب النجاح لهذا الأمر، فالغريب في الامر أن دعم الطاقة كلما زادت القدرة المالية للشخص كلما كانت فرصته في الحصول علي الدعم أكبر، وبالتالي لا يليق أن نحافظ علي دعم يستنزف أكثر من 130 مليار جنيه، لا يخدم الفقراء.
وهناك 4 سناريوهات، بحسب د. قنديل، لخفض الدعم، أولهم، تعديل أسعار المنتجات البترولية تدريجيا دون تعويضات، وثانيهم، تعديل أسعار المنتجات البترولية مع زيادة التحويلات النقدية الحكومية لأفقر 40%، وثالثهم، تعديل أسعار المنتجات البترولية، وتحويل 50% مما يتم توفيره من ذلك لكافة الأسر، ورابعهم، تعديل أسعار المنتجات البترولية، وتحويل 50% مما يتم توفيره جراء ذلك للشريحتين الأشد فقرا.
ارتفاع الأسعار
رفع أسعار الطاقة، في رأي د. غادة البياع، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، سوف يؤجج التضخم، وبالتالي موجات عنيفة من الارتفاع في الأسعار، وهذا كلام لا يحتمل التخمين، بل أمر يقترب من اليقين ولا يحتاج لدراسات لاثباته، وهذا ما يطرح استفهامات عديدة حول مدي استعداد الحكومة لما يمكن أن يترتب علي قرارات رفع الأسعار، والتي بدأته بقرار رفع أسعار الغاز للمنازل والمنشأت التجارية، ومن الوارد أن يتبع بزيادة اسعار البنزين والسولار.
وعلي الحكومة أن تبدأ إجراءات لتفعيل قانون التظاهر لأنها في حال رفع أسعار الطاقة، كما يبدو، سوف تحتاج إلي قانون التظاهر، لأن الفقراء سيجدون أنفسهم مضطرين أمام مثل هذه القرارات التي بدأت الحكومة في اتخاذها في إطار تنفيذها سياسات غير مدروسة تتسم بالانحياز ضد الفقراء دون وجود برامج حماية كافيه لهؤﻻء الفقراء، بما يعني استمرار لنفس العبث و الغباء.
ارتفاع أسعار الطاقة، وفقا لـ"د. البياع"، سوف يؤدي بالتبعيه ﻻرتفاع اسعار سلع اخرى خاصة المواد الغذائيه، و بالتالي فإن المتضرر الاساسي هم الفقراء، أن هؤﻻء ينفقون الجزء اﻻكبر من دخولهم على الغذاء، وحتى اذا كان تعديل اﻻسعار ضروري، فمن الضروره ايجاد سياسات لحماية هؤﻻء الفقراء، لأنه بدون ذلك سوف تتزايد وطأة مشكلة الفقر، وبالتالي تزايد اﻻضطرابات السياسية، وهو ما سيزيد الطين بلة، فالحكومة في الوقت الحالي في حاجه لسياسات تصالح بها عامة الشعب.
هذا الملف يحتاج إلي إلي خطوات مدروسة و تدريجية، وإن كانت الظروف الحالية غير مناسبة أصلا لطرح الموضوع لحوار مجتمعي لأن الناس مشغولة الآن بقضايا أهم، وكان الأجدر بالحكومة أن تبحث عن بدائل لترشيد الانفاق في الموازنة العامة بدلا من الدعم، فمسألة الحد الأقصي مطلوب الأن أكثر، وكل ما يرتبط بها من قضايا أخري تستهدف في النهاية تحقيق طموحات وآمال الشارع حتي يترتب علي هذه الإجراءات مصالحة.
فـ"اﻻستقرار اﻻجتماعي و السياسي"، كما تذكر د. البياع، أمر هام في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ومن ثم التوقيت غير مناسب لمثل هذه السياسات غير محسوبة النتائج، والبيئة غير مؤهلة لمثل هذا القرار، الذي سيترك آثارا اقتصادية واجتماعية لغير مأمونة العواقب.