شاركت السيدة مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، في ورشة عمل دولية نظمها البنك الدولي بالتعاون مع مركز طوكيو للتعلم الإنمائي (TDLC)، حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الإسكان الاجتماعي، وذلك في العاصمة اليابانية طوكيو.
الورشة، التي حضرها ممثلون من عشر دول مختلفة، ضمت نحو 55 خبيرًا ومسؤولًا من القطاعين العام والخاص، إضافة إلى خبراء البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية وخبراء يابانيين. وقد مثلت المشاركة المصرية فرصة لعرض التجربة الرائدة التي طبقتها الدولة في توفير السكن اللائق للمواطنين محدودي الدخل عبر برامج مدروسة وآليات تنفيذية واضحة.
وأكدت مي عبد الحميد، خلال كلمتها في ثلاث جلسات رئيسية، أن مصر واجهت تحديات كبيرة عند إطلاق مبادرة الإسكان الاجتماعي، خاصة في إقناع القطاع المصرفي بالمشاركة. وأوضحت أنه في البداية لم يتجاوز عدد البنوك المشاركة أربعة بنوك، بينما وصل العدد حاليًا إلى ثلاثين جهة تمويل، وهو ما يعكس نجاح الدولة في بناء الثقة وتطوير آليات عمل مستدامة.
وأشارت إلى أن المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" تمثل نقلة نوعية في ملف الإسكان، إذ تعتمد على معايير دقيقة لاختيار المستفيدين يتم الإعلان عنها بوضوح في كراسات الشروط، مما يضمن الشفافية ويتيح للمواطن معرفة حقوقه كاملة منذ بداية التقديم.
كما استعرضت تجربة الصندوق في التحول الرقمي، موضحة أن جميع الإجراءات المتعلقة بالتقديم، ورفع المستندات، ومتابعة حالة الطلبات، وحتى تقديم الشكاوى، أصبحت تتم بشكل إلكتروني كامل. وأكدت أن هذه الخطوة ساهمت في تعزيز الحوكمة وتقليل المدة الزمنية اللازمة لدراسة الطلبات، إلى جانب تقليص الحاجة للتواصل المباشر بين المواطن والموظف، بما يحد من أي احتمالات للتجاوز أو التأخير.
وفي سياق متصل، لفتت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي إلى التعاون بين الحكومة والبنك المركزي المصري، الذي أطلق مبادرات للتمويل العقاري بفائدة مدعومة تصل إلى 8% لمحدودي الدخل و12% لمتوسطي الدخل، مما ساهم في توسيع قاعدة الشمول المالي وزيادة فرص تملك السكن لشريحة أكبر من المواطنين.
كما ألقت الضوء على مبادرة "الإسكان الاجتماعي الأخضر"، التي يتم تنفيذها بالتعاون مع البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، والتي تهدف إلى إنشاء وحدات سكنية صديقة للبيئة رغم ارتفاع تكلفتها مقارنة بالوحدات التقليدية. وأوضحت أن الهدف من هذه المبادرة هو تحقيق تنمية مستدامة طويلة الأمد تتماشى مع التوجه العالمي لمواجهة التغيرات المناخية.
وكشفت عبد الحميد أن المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" كان لها أثر مباشر في خفض معدلات انتشار العشوائيات، وزيادة نسبة تملك النساء للعقارات من 5% إلى 24%، فضلًا عن تخصيص 5% من الوحدات لذوي الهمم، ورفع نسبة المستفيدين من أصحاب المهن الحرة إلى 23%. كما أوضحت أن 65% من المستفيدين تم دمجهم في النظام المالي الرسمي، وهو ما يمثل تحولًا جوهريًا في مسار الاقتصاد غير الرسمي.
وعلى هامش الورشة، عقدت مي عبد الحميد اجتماعًا مع السيد تاكامي هيروشي، رئيس مكتب البنك الدولي في طوكيو، والسفير المصري لدى اليابان راجي الإتربي، لبحث سبل إبراز التجارب التنموية المصرية وتعزيز التعاون مع مجتمع الأعمال والحكومة اليابانية. وأكدت أن التجربة المصرية في الإسكان الاجتماعي باتت محل اهتمام دولي، نظرًا لنجاحها في الجمع بين الدعم الحكومي والشراكة مع القطاع الخاص لتوفير سكن ميسر ومستدام لملايين المواطنين.
ويأتي هذا الحضور الدولي امتدادًا لجهود مصر في طرح نموذجها التنموي على الساحة العالمية، بما يبرز التقدم الذي تحقق في قطاع الإسكان الاجتماعي كأحد أهم أركان العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.

