في خطوة تعكس توجه الحكومة لتعزيز التنافسية الاقتصادية وتسهيل بيئة الاستثمار، عقد المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، بمشاركة الدكتور أحمد كجوك وزير المالية، اجتماعًا تشاوريًا موسعًا مع ممثلي مجتمع الأعمال، لمناقشة الملامح النهائية لمصفوفة الإصلاحات المرتبطة بتقرير "جاهزية الأعمال" الصادر عن مجموعة البنك الدولي.
الاجتماع الذي جاء بمشاركة واسعة من رجال الصناعة والمستثمرين وممثلي الغرف التجارية، استهدف وضع آلية واضحة لتضمين مقترحات القطاع الخاص ضمن خطط الإصلاح الاقتصادي، في ظل حرص الحكومة على إشراك المجتمع الاقتصادي في صياغة السياسات المرتبطة بتحسين ترتيب مصر في التقارير الدولية.
وأكد وزير الاستثمار أن مصر تسعى للوصول إلى قائمة أفضل 50 دولة في تقرير "جاهزية الأعمال"، معتبرًا أن هذا الهدف ليس مجرد ترتيب دولي وإنما انعكاس حقيقي لقوة مناخ الاستثمار المحلي وقدرته على جذب رؤوس الأموال الأجنبية. وأضاف أن التقرير يمثل أحد المراجع الأساسية التي ينظر إليها أي مستثمر عالمي قبل اتخاذ قرار الدخول في سوق جديد، ما يجعل تحسين موقع مصر به أولوية وطنية.
الخطيب أوضح أن مصر شاركت خلال الأشهر الماضية في إعداد مصفوفة الإصلاحات عبر 10 لجان عمل متخصصة، غطت الموضوعات العشرة التي يتناولها التقرير، بداية من تأسيس الشركات، مرورًا بإجراءات التراخيص والضرائب، وحتى خروج الشركات من السوق. وقد عُقد 36 اجتماعًا خلال خمسة أشهر، بمشاركة نشطة من خبراء القطاع الخاص وممثلي البنك الدولي، للوصول إلى حزمة إصلاحية متكاملة تتماشى مع المعايير الدولية.
وأشار الوزير إلى أن الحكومة نجحت بالفعل في تنفيذ 29 إجراءً إصلاحيًا بالتعاون مع وزارة المالية، استهدفت خفض زمن الإفراج الجمركي وتقليل تكاليف الاستيراد، مع العمل على الوصول إلى زمن لا يتجاوز يومين فقط لعمليات الإفراج، على أن يتم تقليص المدة لاحقًا لساعات قليلة عبر تعميم النظم الإلكترونية.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، أكد الخطيب أن التحدي الأكبر يكمن في ضعف معدل الصادرات الذي لا يتجاوز 10% من الناتج القومي، مقارنة بالواردات التي تتركز غالبيتها في السلع الأساسية بنسبة 93%. وشدد على أن الحكومة وضعت خطة لزيادة مساهمة الصادرات في الناتج المحلي عبر فتح أسواق جديدة، خاصة في القارة الإفريقية، وتقديم حوافز جديدة للمصدرين.
من جانبه، قال وزير المالية الدكتور أحمد كجوك إن الحكومة تعمل بالتوازي على تطوير شامل بالموانئ ورفع كفاءتها، إلى جانب إعداد حزمة إصلاحات ضريبية جديدة تضم 25 إجراءً من المقرر الإعلان عنها قريبًا، مشيرًا إلى أن هذه الإصلاحات تستهدف التيسير على المستثمرين والحد من التعقيدات البيروقراطية.
كما لفت كجوك إلى وجود تعديلات جديدة على قانون الجمارك، تشمل تبسيط الإجراءات وتقليص زمن الإفراج، مع تعزيز الشفافية عبر طرح مشروعات القوانين واللوائح للنقاش المجتمعي قبل اعتمادها بشكل نهائي، بما يضمن توافقها مع مصالح مجتمع الأعمال.
وشهد الاجتماع عرضًا قدمته الدكتورة داليا الهواري، نائب الرئيس التنفيذي للهيئة ورئيس الأمانة الفنية للجنة الوطنية لتقرير "جاهزية الأعمال"، استعرضت خلاله المحاور الثلاثة الرئيسية التي يقوم عليها التقرير، وهي الإطار التشريعي والتنظيمي، التحول الرقمي، والكفاءة التشغيلية للخدمات. وأوضحت أن الإصدار الثالث للتقرير سيصدر في 2026 ليشمل تقييمًا لـ 180 دولة، مؤكدة أن مصر لديها خطة واضحة للتحرك خلال العام المقبل من أجل تحسين موقعها في المؤشرات الدولية.
كما شهدت الجلسة مداخلات من ممثلي القطاع الخاص الذين طرحوا مقترحات عملية تتعلق بتيسير إجراءات الاستثمار، وتبسيط التراخيص، وتقليل تكلفة الخدمات الحكومية المفروضة على الشركات. وقد وجه وزير الاستثمار بضرورة تلقي هذه المقترحات بشكل مكتوب لبحثها وإدماج ما يتوافق منها ضمن خطة الإصلاحات الجاري تنفيذها.
وأكد الخطيب في ختام الاجتماع أن الحكومة تتعامل مع هذه الإصلاحات باعتبارها مسؤولية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، مشيرًا إلى أن الهدف النهائي هو خلق بيئة أعمال أكثر جذبًا واستقرارًا، بما يضمن استدامة الاستثمارات المحلية والأجنبية.

