في خطوة حاسمة لمواجهة ظاهرة التعديات والبناء العشوائي، قررت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، إحالة عدد من مسؤولي مركز ومدينة المحلة الكبرى وأحياء أول وثان بالمحافظة إلى النيابة المختصة، بعد رصد مخالفات جسيمة تتعلق بإصدار تراخيص البناء والتعامل مع أملاك الدولة. القرار جاء عقب زيارة ميدانية للجنة وزارية خاصة لمتابعة منظومة المتغيرات المكانية، والتي كشفت عن حجم من المخالفات لم يتم التعامل معها في المهد.
الوزيرة شددت على أن هذه التحركات تأتي تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية وتكليفات رئيس الوزراء بضرورة التصدي الحازم لأي مخالفات، ومحاسبة المقصرين من العاملين بالإدارة المحلية. وأكدت أن ما جرى في المحلة الكبرى يمثل نموذجًا على أن الدولة لن تتهاون مع أي قصور في أداء الأجهزة التنفيذية، خاصة في ظل وجود آليات تقنية حديثة لرصد المتغيرات المكانية بشكل فوري.
🔹 إزالة 27 عمارة مخالفة
اللجنة التي ترأسها الدكتور سعيد حلمي، رئيس قطاع الإدارة الاستراتيجية بالوزارة، قامت بمعاينة عشرات العقارات، حيث رصدت 27 عمارة مخالفة، بعضها بُني بعد صدور قانون التصالح الجديد في يناير 2025، ما يعد مخالفة صريحة. وأكدت اللجنة أن بعض العقارات تصل إلى 17 طابقًا أقيمت دون أي تراخيص أو إجراءات قانونية، في غياب كامل للإجراءات من مسؤولي الأحياء.
وبالفعل بدأت السلطات المحلية، بالتنسيق مع مديرية أمن الغربية، في تنفيذ قرارات الإزالة لعدد من هذه العقارات، بدءًا من مبنى مخالف يقع أمام مقر مجلس المدينة مباشرة.
🔹 مصادرة معدات ومواد بناء
أثناء المرور الميداني، ضبطت اللجنة معدات بناء ثقيلة بينها لودر وخلاطة وأوناش، إضافة إلى كميات كبيرة من الأخشاب و6 أطنان من الأسمنت. وتمت مصادرة هذه المعدات والمواد وإيداعها بمخازن الحي، في إطار تطبيق الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
🔹 قصور إداري وخدمات متأخرة
التقرير الصادر عن اللجنة كشف أيضًا وجود قصور إداري واضح، منها عدم الرد على تقارير منظومة المتغيرات المكانية في المدة المحددة وهي 72 ساعة، إضافة إلى تراكم طلبات التصالح المتأخرة. كما لوحظ تأخر الموظفين في إنهاء معاملات المواطنين، ما أدى إلى تعطيل مصالحهم.
وخلال الزيارة نفسها، تمكنت اللجنة من إنهاء 245 معاملة كانت متوقفة منذ فترة طويلة، إلى جانب الاستجابة لطلبات 23 مواطنًا بشكل مباشر، الأمر الذي عكس تقصيرًا سابقًا في تقديم الخدمات.
🔹 تعديات على أراضي الدولة
من بين المخالفات التي رصدتها اللجنة وجود تعديات على أراضي تابعة لهيئة الأوقاف والإصلاح الزراعي، حيث جرى البناء على مساحات واسعة دون الحصول على موافقات أو تراخيص. وزيرة التنمية المحلية شددت على ضرورة التنسيق مع الأجهزة الأمنية لإزالة هذه التعديات فورًا وإعادة الأراضي إلى جهاتها المالكة.
🔹 تعليمات جديدة للمتابعة
الوزيرة وجهت بربط منظومة المتغيرات المكانية بالوزارة مع مركز السيطرة بالمحافظة من خلال الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، بما يتيح متابعة مباشرة لقرارات الإزالة على الأرض. كما شددت على سرعة تشغيل سيارات المراكز التكنولوجية المتنقلة لتقليل الضغط على المراكز الثابتة، وضمان وصول الخدمة إلى المواطنين في القرى والمناطق النائية.
🔹 رسالة واضحة من الحكومة
التحرك الأخير يحمل رسالة واضحة بأن الدولة المصرية عازمة على مواجهة ملف العشوائيات والبناء المخالف بكل قوة، خاصة في المحافظات الكبرى مثل الغربية. فبعد سنوات من التوسع العشوائي في البناء، تعتمد الحكومة الآن على تقنيات رقمية متطورة تتيح رصد أي تغيير مكاني في فترة قصيرة، بما يحد من فرص انتشار مخالفات جديدة.
وتؤكد مصادر بوزارة التنمية المحلية أن ما جرى في المحلة ليس حالة فردية، بل جزء من خطة متابعة مستمرة تشمل جميع المحافظات، حيث تقوم لجان متخصصة بجولات مفاجئة لمراجعة الأداء، وتقديم تقارير مباشرة للوزيرة، تمهيدًا لاتخاذ قرارات سريعة ضد أي تقصير.
وتبقى المحلة الكبرى، بما تحمله من ثقل صناعي وسكاني، اختبارًا مهمًا لمدى قدرة أجهزة الدولة على فرض الانضباط والتصدي للبناء العشوائي. القرارات الأخيرة من المتوقع أن تفتح الباب أمام تحقيقات موسعة مع مسؤولين محليين، قد تكشف عن مزيد من أوجه القصور، بينما ينتظر المواطنون نتائج ملموسة على الأرض في صورة إزالة كاملة للعقارات المخالفة، وتحسين مستوى الخدمات.

