أعلنت وزارة الصناعة نتائج الطرح الحادي عشر للأراضي الصناعية، الذي جرى عبر منصة مصر الصناعية الرقمية، ليشكل محطة جديدة في مسار الحكومة نحو تعزيز بيئة الاستثمار الصناعي وتوسيع قاعدة المشروعات الإنتاجية. وأسفر الطرح الأخير عن تخصيص 253 قطعة أرض صناعية جديدة لصالح مستثمرين جادين، على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 545 ألف متر مربع، موزعة على عدد من المحافظات والمناطق الصناعية المختلفة.
هذا الطرح الذي تم خلال الفترة من 1 إلى 11 سبتمبر 2025، يعكس التوجه الواضح للدولة المصرية في إرساء مبادئ الشفافية والعدالة في تخصيص الأراضي، بعدما تلقت الهيئة العامة للتنمية الصناعية ما يقرب من 999 طلباً استثمارياً، جرى فحصها فنياً ومالياً من خلال معايير موضوعية محددة مسبقاً. وفي الحالات التي تساوت فيها درجات التقييم لعدة مستثمرين، تمت المفاضلة عبر قرعة إلكترونية علنية أُجريت على المنصة، في خطوة وصفها خبراء الصناعة بأنها تعزز ثقة مجتمع الأعمال في عدالة منظومة الطرح.
وزارة الصناعة أوضحت أن الطرح الحادي عشر شمل في مجمله 1386 قطعة أرض صناعية مرفقة، توزعت على 23 محافظة داخل 35 منطقة ومدينة صناعية، بمساحات تتراوح بين 240 متراً مربعاً وحتى نصف مليون متر مربع، وهو ما يمنح مرونة كبيرة أمام المستثمرين لاختيار المساحات التي تناسب طبيعة مشروعاتهم، سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة. وتنوعت أساليب الطرح بين التمليك وحق الانتفاع، في إطار سعي الدولة لتوفير حلول تمويلية متنوعة.
وأكدت الوزارة أن عملية التخصيص الإلكتروني الكامل تمثل نقلة نوعية في إدارة ملف الأراضي الصناعية، حيث أصبح المستثمر قادراً على التقديم ومتابعة الطلبات ومعرفة النتيجة النهائية دون الحاجة لأي تعامل ورقي أو تدخل بشري، الأمر الذي يقلل الوقت ويمنع البيروقراطية ويغلق الباب أمام أي محاولات للتلاعب.
ويأتي هذا التحرك في ضوء توجيهات الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، الذي شدد على ضرورة تسريع وتيرة التخصيص وتمكين المستثمر من استلام أرضه وبدء مشروعه في أسرع وقت ممكن، بما يسهم في تعميق التصنيع المحلي وخلق فرص عمل جديدة.
اللافت أن الوزارة قررت أيضاً منح أولوية نسبية في الطروحات القادمة للمستثمرين الذين استوفوا المتطلبات الفنية والمالية في الطرح الحالي ولم يحالفهم التوفيق، شريطة عدم استردادهم قيمة جدية الحجز، وهو ما يضمن استمرار تدفق الطلبات الجادة ويشجع المستثمرين على الاستمرار في المنافسة.
النتائج المعلنة أوضحت أن القطاعات المستفيدة من الأراضي المطروحة شملت أنشطة متنوعة أبرزها الصناعات الغذائية والهندسية والكيماوية ومواد البناء، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تستهدف التوسع في سلاسل القيمة وزيادة نسبة المكون المحلي وتعزيز تنافسية المنتج المصري في الأسواق الدولية.
كما أكدت الوزارة أن الطرح القادم سيكون في الأول من ديسمبر المقبل، ضمن سياسة ربع سنوية تهدف لتوفير الأراضي الصناعية المرفقة بصورة مستدامة، بما يسمح للمستثمرين بالتخطيط المسبق لمشروعاتهم ومتابعة الفرص المتاحة بشكل منتظم.
من جانبه، أشار مصدر مسؤول بالوزارة إلى أن التوسع في إتاحة الأراضي الصناعية يمثل ركيزة أساسية لتحقيق مستهدفات خطة الدولة 2030، حيث تسعى الحكومة لزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات أعلى، بما يعزز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات العالمية.
كما شدد المصدر على أن منصة "مصر الصناعية الرقمية" أصبحت البوابة الرسمية المعتمدة لكافة خدمات المستثمر الصناعي، بداية من تقديم الطلبات وحتى التشغيل الفعلي، وهو ما يقلل زمن الإجراءات بشكل غير مسبوق ويعزز تنافسية بيئة الأعمال.
وتتيح المنصة حالياً للمستثمرين إمكانية متابعة حالة الطلبات إلكترونياً، كما يتم إخطار المقبولين برسائل نصية وبريد إلكتروني رسمي يتضمن تفاصيل القطعة المخصصة وخطوات استكمال الإجراءات، بينما يمكن لغير المقبولين التعرف على مبررات الاستبعاد بشكل واضح.
يذكر أن هذه الخطوات تأتي في إطار استراتيجية أشمل تتبناها الدولة المصرية لتوطين الصناعة وزيادة معدلات التصدير، حيث يُنتظر أن تسهم الأراضي التي جرى تخصيصها في استقطاب استثمارات جديدة وتوسعات للمشروعات القائمة، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى خلق فرص عمل إضافية وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

