أكد الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن تحديات الأمن الغذائي والمائي في العالم العربي باتت تفرض نفسها بقوة على أجندة العمل المشترك، مشيرًا إلى أن التعاون بين الدول العربية لم يعد خيارًا بل ضرورة لمواجهة الأزمات العالمية والإقليمية التي تلقي بظلالها على قطاع الغذاء والزراعة.
جاء ذلك خلال كلمة الوزير في الاحتفال بيوم الزراعة العربي، الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الزراعية عبر تقنية الفيديو كونفرانس، بمشاركة وزراء الزراعة في الدول الأعضاء، وعدد من ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، إلى جانب البروفيسور إبراهيم الدخيري، مدير عام المنظمة.
محطة للتجديد والتكامل
أوضح وزير الزراعة أن الاحتفال بهذا اليوم ليس مجرد مناسبة سنوية، وإنما محطة لتجديد الالتزام بالعمل العربي المشترك من أجل تحقيق الأمن الغذائي وضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة. وقال: "الزراعة تمثل ركيزة أساسية للأمن القومي العربي، ورافعة للتنمية المستدامة، ولا يمكن إغفال دورها في استقرار المجتمعات وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
وأشار فاروق إلى أن الظروف الدولية الراهنة – ومنها تداعيات الحرب في غزة، والأزمة الروسية الأوكرانية، والاضطرابات الاقتصادية العالمية – ألقت بظلالها على منظومة الغذاء، حيث ارتفعت أسعار الطاقة والشحن، واضطربت سلاسل الإمداد، وهو ما يتطلب حلولًا جماعية على المستوى العربي.
استدامة الواحات وتحديات المناخ
وأشاد الوزير بشعار احتفال هذا العام: "لنعمل معًا على استدامة الواحات وتعزيز قدرتها على الصمود والتكيف"، معتبرًا أنه يعكس حجم التحديات التي تواجه المنطقة، وفي مقدمتها التغير المناخي، وشح المياه، وتصحر الأراضي الزراعية. وأضاف أن مواجهة هذه التحديات تتطلب أنظمة إنتاج أكثر مرونة، وتطبيق ممارسات زراعية حديثة قادرة على الصمود أمام الأزمات المناخية.
التجربة المصرية في دعم الأمن الغذائي
وتطرق فاروق إلى جهود مصر في هذا المجال، مؤكدًا أن الدولة أولت اهتمامًا خاصًا بالتوسع الزراعي وزيادة الإنتاجية، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي اعتبر قضية الأمن الغذائي أولوية استراتيجية.
وأوضح أن مصر نفذت مشروعات كبرى لاستصلاح الأراضي، وتطوير نظم الري، وإنشاء مخازن استراتيجية لتعزيز الاحتياطي الغذائي، إلى جانب دعم صغار المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة، خاصة في المناطق الهامشية.
كما أشار الوزير إلى الاهتمام المتزايد بالتصنيع الزراعي لزيادة القيمة المضافة، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات الزراعية المصرية في الأسواق العالمية والعربية.
دعوة لتعزيز التجارة البينية
وأكد وزير الزراعة أن التكامل العربي في مجال التجارة الزراعية يعد خطوة أساسية لتعزيز الأمن الغذائي، مشددًا على ضرورة إزالة العوائق الفنية التي تعطل انسياب السلع بين الدول العربية. وأضاف: "إذا تكاملت إمكاناتنا الزراعية والموارد المتاحة لدينا، فإننا قادرون على بناء منظومة غذائية عربية متماسكة، قادرة على مواجهة الأزمات العالمية" .
شراكات وخبرات متبادلة
ودعا فاروق إلى تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، وتبادل الخبرات بين الدول العربية في مجالات التكنولوجيا الزراعية والابتكار، مؤكدًا أن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تمثل منصة مهمة للتنسيق وتوحيد الجهود، بما يضمن تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.
إشادة عربية بالمبادرة المصرية
من جانبهم، أشاد الوزراء المشاركون بمقترحات مصر، مؤكدين أهمية توحيد الصف العربي في مواجهة التحديات الغذائية، خاصة في ظل تصاعد الأزمات العالمية وتأثيرها المباشر على استقرار الأمن الغذائي. واتفق الحضور على أن تبادل الخبرات والاستثمارات الزراعية المشتركة يمثل مدخلًا عمليًا لتقليل الفجوة الغذائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
خلفية عن يوم الزراعة العربي
ويُذكر أن يوم الزراعة العربي يُحتفل به سنويًا في ذكرى بدء المنظمة العربية للتنمية الزراعية عملها عام 1972، حيث يمثل مناسبة لتقييم ما تحقق من إنجازات في قطاع الزراعة على مستوى الدول العربية، وبحث السبل الكفيلة بتعزيز التعاون وتجاوز العقبات القائمة.

