شارك الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، في أعمال جلسة "الحقوق الثقافية والاقتصاد الإبداعي" التي انعقدت ضمن مؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة "الموندياكولت"، حيث ألقى كلمة تناول خلالها أبرز التحديات والفرص أمام تعزيز الحقوق الثقافية ودمجها في خطط التنمية المستدامة.
أكد وزير الثقافة أن صون الحقوق الثقافية يمثل ركيزة أساسية من ركائز التنمية الشاملة، مشيرًا إلى أن الدستور المصري يقر بوضوح أن الثقافة حق لكل مواطن، وأن الدولة ملتزمة بدعمها وإتاحتها للجميع دون تمييز. وأوضح أن وزارة الثقافة المصرية تعمل على توسيع نطاق العدالة الثقافية من خلال قصور الثقافة والمراكز المنتشرة في جميع المحافظات، بما يكفل وصول الخدمات والأنشطة إلى القرى والمناطق الحدودية والنائية.
وأشار الوزير إلى أن المساواة بين الجنسين أصبحت ملمحًا بارزًا في القطاع الثقافي، حيث تشهد المؤسسات الثقافية مشاركة واسعة للمرأة سواء في تقديم الخدمة أو الاستفادة منها. وأوضح أن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بملفين رئيسيين؛ الأول يتعلق بضمان حق اللاجئين في ممارسة تراثهم والاستفادة من الأنشطة الثقافية داخل مصر، أما الملف الثاني فيركز على إدماج ذوي الهمم وتمكينهم من التعبير عن إبداعاتهم، من خلال مهرجانات وفعاليات مخصصة لهم لاقت نجاحًا وتفاعلًا إيجابيًا.
وفي سياق متصل، تناول وزير الثقافة الدور المتنامي للصناعات الثقافية والإبداعية في دعم الاقتصاد الوطني، لافتًا إلى أن التجربة المصرية تؤكد قوة هذه الصناعات التي تشمل الحرف اليدوية التقليدية، وصناعة السينما الرائدة في المنطقة، وقطاعي النشر والترجمة. وأكد أن الثقافة لم تعد مجرد نشاط مجتمعي بل أصبحت محركًا مهمًا للتنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة، فضلًا عن مساهمتها في تعزيز التجارة الخارجية.
لكن الوزير لفت في المقابل إلى أن غياب البيانات والإحصاءات الدقيقة حول مساهمة الصناعات الثقافية في الاقتصاد يمثل تحديًا كبيرًا، إذ يعيق وضع سياسات ثقافية قابلة للقياس على المستويين المحلي والدولي، مشددًا على أن هذا الملف يتطلب جهدًا بحثيًا وإحصائيًا مضاعفًا.
ودعا وزير الثقافة خلال كلمته إلى تعزيز التضامن الدولي لحماية الممتلكات الثقافية واسترداد المنهوب منها، معتبرًا أن إعادة تلك الممتلكات إلى أوطانها ليس مجرد مسألة سياسية أو قانونية بل هو التزام أخلاقي يعيد للشعوب حقها في تراثها وتاريخها. وأضاف أن النزاعات المسلحة والصراعات الإقليمية باتت تمثل خطرًا متزايدًا على التراث العالمي، ما يحتم ضرورة تبني سياسات أكثر فاعلية للحماية والصون.
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أن حماية التراث في أوقات النزاعات والطوارئ واجب تفرضه المواثيق الدولية، وهو جزء لا يتجزأ من حقوق الأجيال القادمة في الحفاظ على هويتها الثقافية. وأعرب عن أمله في أن يسهم المؤتمر في وضع رؤى عملية تعزز الاقتصاد الإبداعي وتضمن حقوق جميع الفئات في التمتع بالثقافة، مشيرًا إلى أن مصر ستواصل جهودها لنقل خبراتها وتبادلها مع مختلف الدول من أجل مستقبل ثقافي أكثر شمولًا واستدامة.

