يشهد التعاون الاقتصادي بين مصر وتركيا تطوراً نوعياً خلال الفترة الأخيرة، بعد أن انتقلت العلاقات الثنائية من مستوى الشراكة التقليدية إلى مرحلة التعاون الاستراتيجي، وهو ما ظهر بوضوح في الزيارة الترويجية التي نظمها جهاز التمثيل التجاري المصري بالتنسيق مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، واستمرت من 29 سبتمبر حتى 2 أكتوبر الجاري في مدينتي إسطنبول وبورصة.
الزيارة جاءت في إطار البروتوكول الموقع بين الجانبين، والذي يهدف إلى تعزيز جهود الترويج للمنطقة الاقتصادية باعتبارها واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في المنطقة، والعمل على جذب استثمارات أجنبية مباشرة في قطاعات صناعية متنوعة.
🔹 برنامج الزيارة الترويجية
قاد الوفد المصري السيد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث التقى ممثلين عن كبرى الكيانات الاقتصادية التركية، وعقد اجتماعات موسعة شملت 18 لقاءً ثنائياً مع شركات عاملة في قطاعات مختلفة مثل الغزول والمنسوجات، الأجهزة المنزلية، الصناعات الكيماوية، مواد البناء، التغليف، السجاد، الأثاث، البصريات، مكونات السيارات، والأدوية.
كما شملت الزيارة مائدة مستديرة مع اتحاد مصدري الغزول والمنسوجات، وكذلك لقاءً مع اتحاد المصنعين المستقلين (MUSIAD) الذي يضم مئات الشركات التركية العاملة في عدة مجالات. وقد أبدت العديد من هذه الشركات اهتماماً جدياً بدراسة فرص الاستثمار في مصر، مع التركيز على المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لما توفره من بنية تحتية متطورة وحوافز استثمارية.
🔹 الاستثمارات التركية في مصر
بحسب تصريحات الدكتور عبد العزيز الشريف، وكيل أول وزارة التجارة والصناعة ورئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، فإن حجم الاستثمارات التركية في مصر بلغ نحو 4 مليارات دولار حتى الآن، في حين وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 10 مليارات دولار.
وأوضح الشريف أن هذه الأرقام تعكس مكانة تركيا كثاني أكبر مستورد للصادرات المصرية، كما تمثل دليلاً عملياً على متانة العلاقات الاقتصادية، خصوصاً بعد الزخم الكبير الذي شهدته العلاقات السياسية خلال العام الماضي مع تبادل الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين قيادتي البلدين.
🔹 فرص صناعية جديدة
البرنامج الترويجي تضمن زيارات ميدانية لعدد من المصانع التركية الكبرى، بينها شركة متخصصة في صناعة الأوتوبيسات الكهربائية والهيدروجينية، وشركة رائدة في مجال الصمامات وأنظمة التحكم، إلى جانب شركة رياضية شهيرة في إنتاج الملابس والأحذية، والتي استكملت بالفعل إجراءات تأسيس مصنع جديد لها في مصر.
كما تضمنت الجولة زيارة ميناء "Ambarli"، أحد أهم الموانئ التركية المتخصصة في التصدير، حيث ناقش الوفد المصري فرص التعاون وربط الموانئ المصرية بميناء أمبرلي لزيادة حركة التجارة وتسهيل عمليات النقل والتصدير بين الجانبين.
🔹 نقلة نوعية في التعاون
وأكد الشريف أن الزيارة فتحت آفاقاً صناعية وتجارية جديدة، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاوناً أعمق في مجالات التصنيع المشترك وتبادل الخبرات، وهو ما يتماشى مع خطة الدولة المصرية لجذب استثمارات نوعية في مجالات التكنولوجيا والصناعات المتقدمة والطاقة الجديدة والمتجددة.
كما أشار إلى أن التعاون المصري التركي في هذه المرحلة لم يعد يقتصر فقط على زيادة حجم التبادل التجاري، وإنما يمتد ليشمل استثمارات مباشرة في قطاعات حيوية، بما يسهم في نقل التكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة في السوق المصري.
🔹 انعكاسات على الاقتصاد المصري
يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الزيارة تعكس بوضوح توجه مصر نحو تنويع مصادر الاستثمار وتعميق العلاقات مع شركاء إقليميين مؤثرين مثل تركيا. كما أنها تسهم في تعزيز تنافسية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كوجهة رئيسية للاستثمار الصناعي والخدمي في المنطقة، بما يدعم خطط الدولة للتحول إلى مركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية.
ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة خطوات عملية لتفعيل ما جرى الاتفاق عليه خلال الاجتماعات الثنائية في تركيا، سواء من خلال توقيع مذكرات تفاهم جديدة أو البدء في تنفيذ مشروعات مشتركة في قطاعات التصنيع والتصدير.

