شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ونائب رئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية لهيئات أسواق المال (IOSCO)، في أعمال ملتقى الاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC Connect 2025) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض على مدار يومي الأول والثاني من أكتوبر الجاري.
وينعقد الملتقى بتنظيم من الاتحاد الدولي للمحاسبين بالتعاون مع الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين (SOCPA)، تحت شعار "قيادة التحول والابتكار: أولويات عالمية وحلول إقليمية"، بمشاركة واسعة من قادة المهنة وواضعي السياسات وممثلي الهيئات التنظيمية من مختلف الدول العربية.
ويهدف هذا الملتقى إلى بناء جسور تعاون بين المؤسسات التنظيمية والمهنية في مجال المحاسبة والمراجعة، وإيجاد مسارات واضحة لتأهيل الكفاءات الشابة ودعم القيادات الجديدة، بما يعزز من قدرة القطاع المالي على مواكبة التغيرات العالمية السريعة، خصوصاً في مجالات الرقمنة والاستدامة والذكاء الاصطناعي.
خلال جلسة المائدة المستديرة الخاصة ببرنامج عمل مجلس معايير المحاسبة الدولية (IPSASB)، ألقى الدكتور فريد كلمة رئيسية تناول فيها التحديات والفرص التي تواجه المهنة في المنطقة، مشيراً إلى أن التجربة المصرية في تطوير معايير المحاسبة باتت متقاربة إلى حد كبير مع أفضل الممارسات العالمية. وأكد أن التدريب المستمر وبناء القدرات يمثلان أساس مواجهة المتغيرات في بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية والنزاهة في التقارير المالية.
وأوضح رئيس الهيئة أن مشاركة مصر في هذا الملتقى تعكس التزامها الدائم بالتنسيق مع المؤسسات الإقليمية والدولية لاعتماد وتطبيق المعايير الدولية الحديثة، مشدداً على أن تطوير الأسواق المالية غير المصرفية في مصر يستند بدرجة كبيرة إلى تطبيق مبادئ الإفصاح والحوكمة والاستدامة، وهو ما يجعلها أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمار.
كما لفت فريد إلى أن منظمة الأيوسكو، التي يشغل فيها منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، اعتمدت مؤخراً أول معيارين صادرين عن مجلس معايير الاستدامة الدولية (ISSB) وهما IFRS S1 وIFRS S2، مؤكداً أن هذه الخطوة تضع أساساً عالمياً موحداً للإفصاحات المرتبطة بالاستدامة والمناخ. وأشار إلى أن توفير معلومات مالية قابلة للمقارنة وموثوقة يعزز ثقة المستثمرين ويزيد من فرص الحصول على التمويل.
وفي هذا السياق، شدد على أهمية أن يتبنى مجلس معايير المحاسبة الدولية نهجاً مماثلاً في وضع معايير للإفصاح في القطاع العام، بما يساعد الحكومات على تقديم تقارير دقيقة عن كيفية إدارتها لمخاطر الاستدامة، الأمر الذي يسهم في تعزيز الشفافية المالية ويدعم خطط التنمية المستدامة.
وأضاف رئيس الهيئة أن مستقبل الإفصاحات المالية سيعتمد بشكل متزايد على الرقمنة، مشيراً إلى أن الأيوسكو دعمت بالفعل تطوير نسخ رقمية لمعايير الاستدامة بهدف جعلها قابلة للقراءة الآلية والتحليل الفوري. وأكد أن تبني هذا التوجه على مستوى الحكومات سيعزز من دقة البيانات وسهولة تداولها، ويساعد على جذب الاستثمارات الدولية.
من جانب آخر، ناقش المشاركون في الملتقى سبل التعاون الإقليمي لتسريع تطبيق معايير المحاسبة الدولية، وتحديث برامج التعليم المهني بما يلائم احتياجات سوق العمل، إضافة إلى دعم مشاركة المرأة والشباب في المهنة، بما يضمن استدامة قدرتها التنافسية في المستقبل. كما سلطت الجلسات الضوء على تأثير الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة على أساليب المراجعة والتأكيد، ودورها في تحسين كفاءة المهنة ومصداقيتها.
واختتم الدكتور فريد كلمته بالتأكيد على أن تقارير الاستدامة لم تعد مجرد التزام تنظيمي، بل أصبحت وسيلة لتعزيز فرص التمويل، موضحاً أن الحكومات التي تقدم بيانات شفافة وموثوقة ستكون الأقدر على الوصول إلى أدوات تمويل جديدة مثل السندات الخضراء والتمويل المختلط، وهو ما يفتح آفاقاً أوسع لدعم خطط التنمية.
الجدير بالذكر أن ملتقى الاتحاد الدولي للمحاسبين IFAC Connect 2025 يأتي استكمالاً لسلسلة من المحطات الناجحة التي عُقدت في السنوات الماضية في كل من نيروبي وسنغافورة ودبي وبوجوتا، ومن المقرر أن تستضيفه مدن أخرى مثل مكسيكو سيتي وجاكرتا خلال العام الجاري، ليواصل دوره كمنصة عالمية للحوار وتبادل الخبرات بين المؤسسات التنظيمية والمهنية حول العالم.
