في إطار التعاون الدولي المستمر بين الحكومة المصرية ومؤسسات التمويل العالمية، عقد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، اجتماعًا موسعًا مع وفد البنك الدولي برئاسة المهندس إبراهيم الدجاني، مدير قطاع النقل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسيد جورج بيانكو داريدو، رئيس فريق العمل الجديد لمشروعات النقل بالبنك، وعدد من قيادات وزارة النقل وهيئة السكك الحديدية.
ناقش الاجتماع سبل تعزيز التعاون القائم بين الجانبين في مجالات النقل والصناعة، ومتابعة المشروعات التي ينفذها البنك الدولي في مصر، إلى جانب طرح آفاق جديدة للتعاون المستقبلي في قطاعات النقل المتكاملة والبنية التحتية، بما يواكب التطور الكبير الذي تشهده الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة.
تعاون مثمر وإنجازات ملموسة
في مستهل اللقاء، ثمّن وزير الصناعة والنقل دور البنك الدولي كشريك تنموي أساسي في دعم مشروعات البنية التحتية التي تشهدها مصر، مؤكدًا أن التعاون بين الجانبين أسفر عن نتائج ملموسة انعكست على جودة الخدمات وتيسير حركة التجارة الداخلية والخارجية.
وأشار الوزير إلى أن الجهود التي بذلتها الدولة في تطوير شبكات الطرق والموانئ ساهمت في تقدم مصر في العديد من التصنيفات الدولية، إذ تقدمت 100 مركز عالميًا في مؤشر جودة الطرق لعام 2024 لتصبح في المركز الثامن عشر على مستوى العالم، إلى جانب تحسن ترتيب الموانئ المصرية في مؤشرات الأداء العالمية، حيث جاء ميناء شرق بورسعيد في المركز الثالث عالميًا والأول إقليميًا في مؤشر أداء موانئ الحاويات لعام 2024 الصادر عن البنك الدولي، كما دخل ميناء الإسكندرية ضمن قائمة أفضل مئة ميناء حاويات على مستوى العالم لعام 2025.
وأكد الوزير أن هذه القفزات في التصنيفات العالمية لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة خطة استراتيجية متكاملة وضعتها الدولة المصرية لتطوير قطاع النقل بجميع عناصره، تشمل الطرق والموانئ والسكك الحديدية والنقل النهري، إلى جانب الاهتمام الكبير بالعنصر البشري باعتباره الركيزة الأساسية لتطوير المنظومة.
دعم دولي لمشروعات النقل واللوجستيات
من جانبه، أشاد وفد البنك الدولي بالتجربة المصرية في تطوير البنية التحتية للنقل واللوجستيات، مؤكدين أن مصر أصبحت نموذجًا يحتذى به في المنطقة من حيث سرعة التنفيذ وكفاءة الإدارة والتكامل بين المشروعات.
وأكد المهندس إبراهيم الدجاني أن مشروع تطوير لوجستيات التجارة بين القاهرة والإسكندرية يمثل تجربة فريدة في الاستفادة من موقع مصر الجغرافي، موضحًا أن البنك الدولي يبرز دائمًا التجربة المصرية كأحد أنجح النماذج الدولية في أفريقيا والشرق الأوسط، خاصة مع المشاريع الداعمة مثل ميناء السادس من أكتوبر الجاف وتطوير الموانئ البحرية وربطها بشبكات النقل البرية والسككية.
كما أشار الدجاني إلى دعم البنك الدولي لمصر في إنشاء منظومة تدريب إقليمية متخصصة في مجالات النقل والصناعة، تتضمن برامج تعليمية حديثة ومناهج علمية متطورة، بالتعاون مع الجامعات والمعاهد المصرية، بما في ذلك جامعة النقل الدولية التي يجري العمل على إنشائها لتأهيل الكوادر الفنية والإدارية وفق أحدث النظم العالمية.
العنصر البشري في صدارة الأولويات
وخلال اللقاء، شدد الفريق كامل الوزير على أن الاهتمام بتأهيل العنصر البشري يسير جنبًا إلى جنب مع تنفيذ المشروعات العملاقة، موضحًا أن الوزارة وضعت خطة متكاملة لتأهيل الشباب والمهندسين والفنيين في مختلف قطاعات النقل والصناعة من خلال معهد وردان، والمعهد العالي لتكنولوجيا النقل، وجامعة النقل الدولية.
وأشار الوزير إلى أن هذه المؤسسات التعليمية والتدريبية لا تخدم فقط احتياجات السوق المصري، بل تمتد لتلبية الطلب المتزايد من الدول العربية الشقيقة على العمالة والخبرات المصرية في مجالات النقل والسكك الحديدية والبنية التحتية، مؤكدًا أن مصر تمتلك رصيدًا طويلًا من الثقة والخبرة في هذا المجال.
توطين الصناعات ودعم النقل الكهربائي
كما تناول الاجتماع فرص التعاون المستقبلية في توطين صناعة الأتوبيسات الكهربائية ومعدات النقل الحديثة، ضمن خطة وزارة الصناعة لتوطين الصناعات الاستراتيجية في مصر وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وأوضح الوزير أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال، حيث تم تنفيذ خطوط إنتاج للأتوبيسات الكهربائية بالتعاون مع شركات عالمية، بما يواكب التوجه العالمي نحو النقل النظيف والمستدام.
وناقش الجانبان أيضًا إمكانية التعاون في توطين صناعة الوحدات المتحركة الخاصة بالسكك الحديدية ومترو الأنفاق، في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة المصرية بتحديث منظومة النقل الجماعي وتحسين الخدمات للمواطنين.
وأكد الوزير في ختام الاجتماع أن الدولة تسعى إلى توسيع الشراكات مع المؤسسات الدولية، بما يحقق أهداف التنمية الصناعية والنقل المستدام، ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للتجارة والخدمات اللوجستية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأشار إلى أن التعاون مع البنك الدولي في المرحلة المقبلة سيتركز على دعم مشروعات التدريب والتأهيل الصناعي وتبادل الخبرات الفنية في مجالات النقل الذكي والتحول الأخضر، بما يتوافق مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنافسية الاقتصادية.

