افتتح الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، صباح اليوم، فعاليات منتدى الأرز الأفريقي، الذي تستضيفه مصر هذا العام تحت شعار "الاكتفاء الذاتي من الأرز والتعلم المتبادل من تجربة مصر"، بمشاركة عدد من وزراء الزراعة الأفارقة، وممثلي منظمات دولية وإقليمية، وخبراء من 28 دولة أفريقية.
ويأتي المنتدى الذي ينظمه مركز الأرز الأفريقي بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية المصري والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، ليؤكد الدور الريادي الذي باتت تلعبه مصر في دعم منظومة الأمن الغذائي بالقارة، عبر تبادل خبراتها في تطوير إنتاج الأرز، أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في إفريقيا.
وشهد الافتتاح حضور “باباكار مانه” المدير العام لمركز الأرز الأفريقي، و”عبدالحكيم الواعر” مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وعدد من ممثلي شركاء التنمية والمؤسسات البحثية الدولية.
وخلال كلمته، أكد وزير الزراعة أن قضية الأرز لم تعد ملفًا وطنيًا فقط، بل باتت مسألة أمن غذائي قاري، مشيرًا إلى أن التجربة المصرية في زراعة الأرز تعد من أنجح التجارب عالميًا رغم محدودية الموارد المائية. وقال فاروق:
> “نجحنا في رفع إنتاجية الفدان إلى ما يتراوح بين 4 و5 أطنان، وهي الأعلى عالميًا، بفضل الاستثمار في البحث العلمي واستخدام أصناف محسّنة تتحمل الجفاف والملوحة”.
وأوضح الوزير أن مصر تمكنت خلال السنوات الماضية من تطوير منظومة متكاملة لزراعة الأرز، تضمنت تحديث نظم الري، وتدريب المزارعين، وتطوير مراكز البحوث المتخصصة مثل مركز بحوث الأرز بسخا، الذي أصبح منارة علمية للمنطقة، ويستقبل سنويًا وفودًا من الدول الأفريقية الراغبة في الاستفادة من الخبرة المصرية.
كما شدد فاروق على أن مصر مستعدة لتقاسم خبراتها الزراعية مع الأشقاء الأفارقة، مؤكدًا أن الوزارة ستعمل على نقل التقنيات الزراعية الحديثة وأصناف الأرز المحسنة إلى الدول الأفريقية، بجانب فتح مجالات للتدريب وبناء القدرات في المراكز البحثية المصرية، بما يسهم في تعزيز الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى القارة.
وأضاف أن المنتدى يهدف إلى صياغة رؤية موحدة لتطوير قطاع الأرز في أفريقيا، من خلال وضع خريطة طريق مشتركة تجمع بين الابتكار العلمي والسياسات الزراعية المستدامة، وتوسيع التعاون بين القطاعين العام والخاص لتشجيع الاستثمار في سلاسل القيمة المرتبطة بالأرز من الزراعة وحتى التسويق.
وأشار الوزير إلى أن نجاح التجربة المصرية جاء نتيجة تضافر الجهود بين الدولة والقطاع الخاص والمزارعين، موضحًا أن الحكومة تبنت سياسات رشيدة لترشيد استخدام المياه وتشجيع الزراعة الذكية، وهو ما جعل من تجربة مصر نموذجًا يُحتذى به في مواجهة تحديات التغير المناخي وندرة الموارد.
وفي رسالة وجهها إلى الوفود المشاركة، قال فاروق إن “ما تحقق في مصر هو نجاح للقارة الأفريقية كلها”، مضيفًا أن مصر لا تعتبر إنجازها في الأرز إنجازًا وطنيًا فقط، بل رصيدًا مشتركًا لكل الشعوب الأفريقية، ودليلًا على أن التعاون وتبادل الخبرات هو السبيل لتحقيق الاكتفاء الذاتي الجماعي.
من جانبه، قال الدكتور “باباكار مانه”، المدير العام لمركز الأرز الأفريقي، إن انعقاد المنتدى في القاهرة يمثل اعترافًا بالدور المصري في تطوير إنتاج الأرز في القارة، مؤكدًا أن التجربة المصرية ستكون مرجعًا أساسيًا للدول الساعية إلى تحقيق الأمن الغذائي. وأوضح أن المركز يسعى من خلال هذا اللقاء إلى تحويل النجاحات المنفردة إلى شراكات إقليمية تتشارك المعرفة والتكنولوجيا وتضع أهدافًا واضحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز في أفريقيا خلال السنوات المقبلة.
كما أشار ممثل منظمة “الفاو” إلى أن مصر تعد من الدول القليلة التي تمكنت من التوفيق بين زيادة الإنتاج وترشيد استهلاك المياه، وهو ما يعكس فهمًا متقدمًا لمتطلبات التنمية الزراعية المستدامة، مؤكدًا دعم المنظمة الكامل لمبادرات التعاون الأفريقي في هذا المجال.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية، أعلن وزير الزراعة أن المنتدى سيستمر على مدار ثلاثة أيام تتضمن جلسات علمية وورش عمل وزيارات ميدانية لمواقع زراعة الأرز ومراكز البحوث في كفر الشيخ والدقهلية، بهدف إتاحة فرص للتطبيق العملي ونقل الخبرات المباشرة إلى ممثلي الدول المشاركة.
وأكد الوزير أن مصر ماضية في أداء دورها القاري، مشددًا على أن “الاكتفاء الذاتي من الأرز في أفريقيا لم يعد حلمًا بعيدًا، بل هدف يمكن تحقيقه إذا ما توحدت الجهود، وتم البناء على قصص النجاح القائمة بالفعل”.

