في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع الدول الآسيوية، شهدت القاهرة اجتماعًا مهمًا بين السيد حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والسفير عامر شوكت، سفير باكستان لدى مصر، لمناقشة آفاق التعاون الاستثماري بين البلدين وسبل جذب استثمارات باكستانية جديدة إلى السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة.
وأكد الجانبان، خلال اللقاء الذي عُقد بمقر الهيئة العامة للاستثمار بالعاصمة الإدارية الجديدة، على عمق العلاقات التاريخية والسياسية التي تربط القاهرة بإسلام آباد، وضرورة ترجمة هذه العلاقات إلى مشروعات استثمارية وصناعية ملموسة، بما يحقق المنفعة المتبادلة ويعزز الترابط الاقتصادي بين البلدين.
وأوضح السفير عامر شوكت أن مجتمع الأعمال الباكستاني يُبدي اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في السوق المصرية، في ظل ما تشهده من استقرار سياسي ومناخ استثماري جاذب، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت مركزًا صناعيًا وتصديريًا مهمًا على مستوى الإقليم، نظرًا لموقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية التي تسمح بالنفاذ إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية والشرق أوسطية.
وكشف السفير الباكستاني عن وجود شركات باكستانية بدأت بالفعل في دراسة أو تنفيذ استثمارات جديدة داخل مصر في قطاعات متنوعة، من بينها الصناعات الدوائية، والملابس الجاهزة، والهواتف المحمولة، وتكنولوجيا المعلومات، وأواني الطهي، والدراجات الكهربائية، إلى جانب أنشطة إعادة تدوير البطاريات الكهربائية، وهي قطاعات تشهد نموًا عالميًا متسارعًا وتعتمد على تكنولوجيا متطورة.
وأضاف أن التعاون الاقتصادي بين البلدين لا يقتصر على تبادل السلع أو المنتجات فقط، بل يمتد إلى تبادل الخبرات الفنية والتكنولوجية، مؤكدًا أن الكوادر المصرية، وخاصة في مجال البرمجة والتكنولوجيا المالية، تحظى بتقدير كبير لدى الشركات الباكستانية التي ترى في مصر شريكًا مثاليًا في تطوير المشروعات الرقمية المشتركة.
من جانبه، رحب السيد حسام هيبة بالتوجه الباكستاني نحو ضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية، مشيرًا إلى أن مصر نجحت خلال الفترة الماضية في تحويل التحديات الاقتصادية العالمية إلى فرص لجذب استثمارات مستدامة، من خلال تنفيذ استراتيجية “الاستثمار من أجل التصدير”، التي تستهدف إقامة صناعات تصديرية ترتكز على القيمة المضافة وتعتمد على سلاسل توريد إقليمية.
وأشار هيبة إلى أن الإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال الأعوام الأخيرة ساهمت في تهيئة بيئة استثمارية مرنة، وتشجيع المستثمرين الأجانب على التوسع في مشروعاتهم، مؤكدًا أن مصر أصبحت وجهة مفضلة للشركات الباحثة عن أسواق مستقرة وذات قدرات تصنيعية عالية.
وأوضح أن التوترات التجارية التي يشهدها العالم بين بعض الاقتصادات الكبرى دفعت العديد من الشركات إلى البحث عن مواقع بديلة للإنتاج، وقد نجحت مصر في استغلال هذا الظرف لجذب استثمارات نوعية طويلة الأجل، خاصةً في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات التحويلية.
وتابع هيبة موضحًا أن الاستثمارات الباكستانية ستستفيد بشكل كبير من اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تمنح المنتجات المصرية حق النفاذ إلى نحو 1.3 مليار مستهلك داخل القارة، بالإضافة إلى المزايا التفضيلية الناتجة عن اتفاقيات مصر مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية، وهو ما يتيح فرصًا واعدة أمام الصناعات المشتركة للتوسع في الأسواق الإقليمية.
وأشار الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار إلى أن العام المالي 2024/2025 شهد زيادة كبيرة في عدد الشركات الباكستانية المؤسسة في مصر، حيث تم تسجيل 46 شركة جديدة مقارنة بـ17 فقط في العام السابق، وهو ما يعكس تصاعد الاهتمام الباكستاني بالسوق المصرية، وتطور العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.
كما طرح هيبة خلال الاجتماع مقترحًا بإنشاء منصة للتواصل بين رواد الأعمال في مصر وباكستان والسعودية، بهدف تعزيز الشراكات الثلاثية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والصناعات الرقمية، مؤكدًا أن الهيئة العامة للاستثمار على استعداد لتوفير الدعم الكامل لهذا التوجه، من خلال تيسير اللقاءات الثنائية وتنظيم بعثات ترويجية بين الدول الثلاث.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تطوير آليات مستدامة للتواصل بين مجتمعات الأعمال، من خلال المؤتمرات الاستثمارية والبعثات الترويجية المشتركة، مشددًا على أهمية التركيز على قطاعات الاقتصاد الأخضر، والطاقة النظيفة، والصناعات القائمة على الابتكار والتكنولوجيا، باعتبارها مستقبل النمو الاقتصادي العالمي.
وفي ختام اللقاء، اتفق الجانبان على وضع خطة عمل مشتركة لتعزيز التعاون بين مصر وباكستان، تتضمن تنظيم منتدى استثماري مشترك خلال الفترة المقبلة يضم كبار رجال الأعمال من البلدين، إلى جانب عقد لقاءات مباشرة بين ممثلي الشركات الناشئة في القاهرة وإسلام آباد، لبحث فرص الشراكة والتكامل في مشروعات المرحلة القادمة.

