في إطار جهود الدولة نحو التحول الرقمي الشامل وتحقيق أعلى مستويات الأمان الدوائي، عقدت هيئة الدواء المصرية اجتماعًا موسعًا برئاسة الدكتور علي الغمراوي، رئيس الهيئة، مع عدد من ممثلي شركات توزيع الأدوية، وذلك لمتابعة آخر تطورات مشروع التتبع الدوائي ومناقشة الخطوات التنفيذية النهائية لتطبيقه على أرض الواقع، بحضور الدكتور جمال الليثي رئيس غرفة صناعة الدواء، وعدد من قيادات الهيئة وممثلي الشركات العاملة في مجال التوزيع الدوائي.
استعرض الاجتماع ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من مراحل المشروع، والنتائج التي حققتها التجارب الأولية في المصانع وبعض شركات التوزيع، إلى جانب بحث الجوانب الفنية والقانونية المتعلقة بآليات التنفيذ. ويهدف مشروع التتبع الدوائي إلى إرساء منظومة رقمية متكاملة تُمكِّن الهيئة من تتبع حركة الدواء في السوق المصري بدايةً من خطوط الإنتاج وحتى وصوله إلى المريض، بما يضمن سلامة المنتجات الدوائية وحماية المستهلك من الغش الدوائي والتلاعب في سلاسل الإمداد.
وأكد الدكتور علي الغمراوي خلال الاجتماع أن الهيئة تمضي بخطى ثابتة نحو تطبيق المشروع وفق جدول زمني محدد، بالتنسيق الكامل مع الشركات المنتجة والموزعة، مشيرًا إلى أن المنظومة الجديدة تمثل نقلة نوعية في أسلوب الرقابة على سوق الدواء المصري، وتعزز الثقة في جودة المنتج المحلي والمستورد على حد سواء. وأضاف أن الهيئة تضع في أولوياتها تهيئة البنية التحتية الفنية والتقنية اللازمة داخل المصانع والمخازن لضمان التطبيق السليم للنظام، مع توفير التدريب اللازم للعاملين في القطاع لضمان كفاءة التشغيل.
وأوضح الغمراوي أن مشروع التتبع الدوائي يأتي في إطار رؤية الدولة لبناء قاعدة بيانات قومية للدواء المصري تُمكّن من المراقبة الفورية لحركة الأدوية في السوق، مما يسهم في منع حدوث أي نقص مفاجئ في الأصناف الحيوية وضمان توافرها في جميع المحافظات. كما أكد أن النظام سيسمح بتتبع الدواء من خلال أكواد رقمية فريدة (QR Code) يتم ربطها بالهيئة إلكترونيًا، مما يسهل عملية المراجعة والتتبع اللحظي لأي منتج دوائي.
من جانبهم، أعرب ممثلو شركات التوزيع عن دعمهم الكامل لتوجهات الهيئة في تطبيق المشروع، مؤكدين أن التحول الرقمي في مجال الدواء أصبح ضرورة لمواكبة التطورات العالمية، وأن التعاون بين القطاعين العام والخاص هو السبيل لتحقيق التكامل المطلوب. وأشاروا إلى أن الشركات بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات عملية لتجهيز أنظمتها التقنية بما يتماشى مع متطلبات المشروع، مثل تحديث قواعد البيانات وتطوير نظم الباركود وتتبع حركة الشحنات الدوائية إلكترونيًا.
وشدد المشاركون على أهمية استمرار التواصل المباشر بين الهيئة وشركات التوزيع لتذليل أي عقبات قد تواجه التنفيذ في المراحل المقبلة، مع التأكيد على أن هذا المشروع لا يقتصر على البعد الرقابي فحسب، بل يساهم أيضًا في تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد الدوائي وضمان توافر الأدوية الحيوية في الأسواق بشكل منظم ومستدام.
كما أكد الحضور أن الهيئة تمثل نموذجًا يحتذى في التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ المشروعات القومية بطريقة علمية ومنهجية، مشيدين بالدعم الفني المتواصل الذي تقدمه للشركات لتطبيق المنظومة دون تعطيل لحركة السوق أو التأثير على توافر الأدوية.
من ناحية أخرى، شدد مسؤولو الهيئة على أن تطبيق المشروع سيتم على مراحل تضمن العدالة بين جميع الشركات، مع مراعاة حجم الأعمال واختلاف نظم التشغيل لديها، مؤكدين أن الهيئة ستتابع التنفيذ ميدانيًا وتقدم الدعم الفني المستمر، لضمان تحقيق النتائج المستهدفة بأعلى درجات الدقة والشفافية.
وفي ختام الاجتماع، اتفق الجانبان على استمرار عقد الاجتماعات التنسيقية خلال الفترة المقبلة لمراجعة مراحل التنفيذ الميداني وتقييم الأداء الفني لكل جهة مشاركة، مع الالتزام الكامل بتطبيق المنظومة في التوقيتات المحددة، بما يرسخ مكانة مصر كدولة رائدة في تنظيم سوق الدواء ورقمنته على المستوى الإقليمي، ويعزز من جهود الدولة في بناء نظام صحي رقمي متكامل يحقق الأمن الدوائي ويحافظ على صحة المواطنين.

