أكد الدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن الدولة المصرية تضع قضية إدارة الحمأة الناتجة عن محطات الصرف الصحي في مقدمة أولوياتها خلال المرحلة الحالية، باعتبارها إحدى القضايا الحيوية المرتبطة بشكل مباشر بأهداف الاستدامة البيئية، والحد من الانبعاثات، وتحسين جودة الخدمات العامة، مشيرًا إلى أن الإدارة الآمنة والمستدامة للحمأة تمثل خطوة أساسية نحو منظومة متكاملة لإدارة موارد المياه والطاقة في مصر.
جاء ذلك خلال افتتاحه ورشة عمل مشروع المساندة الفنية التحضيرية لإدارة الحمأة في مصر، والتي تنفذها وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي (EIB)، وبمشاركة عدد من شركاء التنمية الدوليين، من بينهم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وبنك التنمية الألماني (KFW)، وبنك التنمية الأفريقي (AfDB)، والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، والاتحاد الأوروبي، والصندوق الإيطالي للودائع والقروض (CDP).
واستهل الدكتور سيد إسماعيل كلمته بتوجيه الشكر للحضور من ممثلي الوزارات والهيئات والمؤسسات الدولية، مشيدًا بالتعاون المثمر بين الحكومة وشركاء التنمية في دعم قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، خاصة في المجالات التي تتعلق بالاستدامة البيئية وإدارة المخلفات. وأوضح أن الورشة تأتي في إطار الجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز التكامل بين الأبعاد البيئية والاقتصادية في مشروعات البنية التحتية، ضمن استراتيجية مصر للمياه 2037، واستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030".
وأشار نائب الوزير إلى أن قطاع مياه الشرب والصرف الصحي شهد طفرة غير مسبوقة خلال السنوات العشر الماضية، موضحًا أن نسبة تغطية خدمات الصرف الصحي في المناطق الريفية ارتفعت من 12% عام 2014 إلى أكثر من 60% بنهاية عام 2025، وهو ما يعكس حجم الجهد المبذول لتوفير خدمات آمنة ومستمرة للمواطنين في مختلف المحافظات.
وأضاف أن عدد محطات المعالجة ارتفع إلى 602 محطة معالجة ثنائية وثلاثية بطاقة إجمالية تصل إلى 18.9 مليون متر مكعب يوميًا، كما بلغ عدد مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي التي تم تنفيذها أو يجري تنفيذها منذ عام 2014 وحتى الآن نحو 5200 مشروع، بإجمالي استثمارات تجاوزت 725 مليار جنيه، ما يعكس التزام الدولة بتطوير البنية التحتية وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وأوضح الدكتور إسماعيل أن هذا التوسع الكبير في خدمات الصرف الصحي رغم كونه إنجازًا ضخمًا، إلا أنه يمثل أيضًا تحديًا بيئيًا جديدًا نتيجة الزيادة الكبيرة في كميات الحمأة الناتجة عن محطات المعالجة، وهو ما يستدعي وضع منظومة متكاملة لإدارة الحمأة بشكل مستدام وآمن.
وأكد أن إدارة الحمأة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من رؤية الدولة للتحول الأخضر، خاصة أن إعادة استخدامها بطريقة آمنة يمكن أن تساهم في إنتاج الطاقة الحيوية، وتحسين خصوبة التربة الزراعية، وتقليل الأثر البيئي الناتج عن التخلص غير الآمن من المخلفات، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل حاليًا بالتعاون مع شركاء التنمية على إعداد خطة وطنية لإدارة الحمأة تشمل مراحل التجميع والمعالجة وإعادة الاستخدام، وفقًا للمعايير الدولية والممارسات البيئية المثلى.
وشدد نائب الوزير على أهمية تبادل الخبرات الدولية في هذا المجال، مؤكدًا أن ورشة العمل تمثل منصة للحوار وتبادل المعرفة بين الخبراء المصريين والدوليين، بهدف بناء قدرات الكوادر الوطنية على تطبيق أحدث النظم التكنولوجية في إدارة الحمأة ومعالجتها.
كما أشار إلى أن الدولة تسعى من خلال هذا المشروع إلى تحقيق أقصى استفادة من الحمأة كمورد اقتصادي محتمل يمكن تحويله إلى مصدر للطاقة أو سماد عضوي بعد المعالجة، بما يساهم في تحقيق الحياد الكربوني وتقليل البصمة البيئية، لافتًا إلى أن التجارب العالمية أثبتت أن الإدارة السليمة للحمأة تمثل فرصة اقتصادية وبيئية في آن واحد.
واختتم الدكتور سيد إسماعيل كلمته بالتأكيد على أن الوزارة ماضية في تنفيذ برامجها الطموحة لتحقيق الإدارة المتكاملة للمياه والصرف الصحي، وفق نهج يربط بين الاستدامة البيئية والكفاءة التشغيلية والتكامل المؤسسي، مشددًا على أن الحكومة المصرية لن تدخر جهدًا في دعم كل ما يسهم في تعزيز جودة الخدمات وحماية الموارد الطبيعية، وتحقيق التنمية الشاملة في مختلف المحافظات.
وقد شهدت الورشة حضور نخبة من خبراء قطاع المياه والصرف الصحي في مصر، وعدد من ممثلي الوزارات المعنية، والمؤسسات البحثية، إلى جانب شركاء التنمية الدوليين، حيث ناقش المشاركون التحديات الفنية والبيئية المرتبطة بإدارة الحمأة، وسبل الاستفادة منها بشكل مستدام، من خلال تبني تكنولوجيا حديثة تدعم التحول نحو الاقتصاد الدائري في قطاع المرافق والخدمات العامة.

