في خطوة تعكس اهتمام الدولة المصرية المتصاعد بقضايا الأمن الغذائي والزراعة المستدامة، شارك المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، في فعاليات المؤتمر الدولي الثالث للزراعة والغذاء، المنعقد تحت شعار "الطريق نحو المستقبل.. تنمية مستدامة وصادرات تنافسية"، بحضور وزيري الزراعة والتموين، وعدد من السفراء وممثلي المؤسسات الدولية والقطاع الخاص.
أكد الوزير في كلمته أن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي يولي ملف الزراعة والغذاء اهتمامًا استثنائيًا، معتبرًا إياه أحد أعمدة الأمن القومي ومحورًا رئيسيًا في جهود بناء اقتصاد قوي قادر على التكيف مع الأزمات العالمية، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية تضع هذا القطاع ضمن أولوياتها لما يمثله من ركيزة للاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.
وأوضح فوزي أن العالم شهد خلال السنوات الأخيرة تغيرات جذرية أثبتت أن الأمن الغذائي لم يعد قضية اقتصادية فحسب، بل أصبح قضية سيادة وطنية واستدامة تنموية تتقاطع مع الأمن المائي والمناخي، لافتًا إلى أن الأزمات المتلاحقة — بدءًا من اضطراب سلاسل الإمداد، مرورًا بتقلبات أسعار الطاقة، ووصولًا إلى آثار تغير المناخ — فرضت واقعًا جديدًا يدفع نحو تعزيز الإنتاج المحلي وتحسين جودة المنتجات وتعظيم القيمة المضافة.
وأضاف الوزير أن انعقاد المؤتمر في نسخته الثالثة يأتي امتدادًا لمسار وطني واضح تقوده الدولة المصرية لتوسيع قاعدة الإنتاج الزراعي، ودعم الصناعات الغذائية، وبناء منظومة تصديرية قادرة على المنافسة الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن هذا التوجه ينسجم مع أهداف رؤية مصر 2030 التي تستهدف تحقيق التنمية المستدامة والاعتماد على الذات في إنتاج الغذاء.
وأشار فوزي إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ أربعة محاور رئيسية في هذا الإطار، تبدأ بالتحول نحو الزراعة الذكية والمستدامة عبر استخدام التقنيات الحديثة والري الموفّر للمياه، وتطوير نظم الإدارة الزراعية بما يحافظ على الموارد ويزيد الإنتاجية. أما المحور الثاني فيركز على تعظيم القيمة المضافة من خلال دعم التصنيع الزراعي وإنشاء مجمعات متكاملة تربط بين الزراعة والصناعة والتصدير.
وفي المحور الثالث، شدد الوزير على أهمية تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع الزراعي، عبر تطوير التشريعات وتقديم حوافز واضحة تضمن بيئة أعمال مستقرة وجاذبة، مؤكدًا أن الدولة تراهن على القطاع الخاص باعتباره شريكًا رئيسيًا في تحقيق النمو المستدام وخلق فرص عمل جديدة.
أما المحور الرابع فيتمثل في التوسع بالأسواق التصديرية وفتح منافذ جديدة للمنتجات المصرية، من خلال الالتزام بالمعايير الدولية للجودة وسلامة الغذاء، بما يعزز مكانة الصادرات الزراعية المصرية في الأسواق العالمية.
وأشار الوزير إلى أن المشروعات القومية الكبرى مثل الدلتا الجديدة ومستقبل مصر الزراعي تمثل تطبيقًا عمليًا لهذه الرؤية، إذ أسهمت في زيادة الرقعة الزراعية وتحقيق التكامل بين الإنتاج الزراعي والصناعي، موضحًا أن هذه المشروعات ليست مجرد توسعات في الأراضي، بل منظومات متكاملة تدعم الابتكار والتكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي.
وفي سياق متصل، أكد فوزي أن وزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على تطوير الإطار التشريعي والتنظيمي الداعم للقطاع الزراعي، سواء من خلال تحديث القوانين المنظمة للتعاونيات الزراعية أو دعم التصنيع الغذائي وسلاسل القيمة المضافة. وأضاف أن القانون الفعّال والبسيط يمثل “شريكًا في التنمية”، إذ يخلق بيئة استثمارية مستقرة ويحقق التوازن بين حقوق الدولة والمستثمر والمستهلك.
وأوضح الوزير أن الزراعة ليست مجرد نشاط اقتصادي بل مكون أساسي في الأمن القومي المصري، داعيًا إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجالات الزراعة والأمن الغذائي، مشيرًا إلى أن مصر، بحكم موقعها وخبراتها التاريخية، مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا للتكنولوجيا الزراعية والتبادل المعرفي في إفريقيا والشرق الأوسط.
واختتم المستشار محمود فوزي كلمته بتأكيد أن مصر ماضية بخطى ثابتة نحو بناء قطاع زراعي مستدام يعتمد على العلم والابتكار، ويضمن الأمن الغذائي للأجيال القادمة، قائلاً:
> "الطريق نحو المستقبل يبدأ من أرضنا الطيبة، ومن إرادتنا القوية، ومن ثقتنا بقدرتنا على تحقيق الاكتفاء والإبداع في آنٍ واحد".

