في إطار مشاركتها بفعاليات المنتدى العالمي للأغذية لعام 2025، الذي تنظمه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالعاصمة الإيطالية روما، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، سلسلة من الاجتماعات المهمة مع عدد من مؤسسات التمويل الدولية، في مقدمتها صندوق الودائع والقروض الإيطالي (CDP)، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، وذلك بحضور السفير بسام راضي، سفير مصر لدى إيطاليا.
وخلال الاجتماعات، أكدت المشاط على عمق العلاقات المصرية الإيطالية، مشيرة إلى أن التعاون بين الجانبين يشهد تطورًا مستمرًا في مختلف المجالات، خاصة في مجالات التنمية الصناعية، والتحول الأخضر، وتمويل القطاع الخاص. وأوضحت أن الوزارة تسعى إلى توسيع نطاق التعاون مع مؤسسات التمويل الإيطالية، بما يتيح فرصًا جديدة للشركات المصرية للاستفادة من آليات التمويل الميسرة والمبتكرة، دعمًا لمسار النمو الاقتصادي المستدام.
وتطرقت الوزيرة إلى الجهود التي تبذلها الدولة لتمكين القطاع الخاص من المشاركة بفاعلية في تنفيذ المشروعات القومية الكبرى، مؤكدة أن الحكومة تعمل على توفير بيئة تشريعية وتمويلية محفزة تعزز الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء. وأشارت إلى أن الوزارة أطلقت عددًا من المبادرات لتعزيز التمويل التنموي الموجه للقطاع الخاص، حيث بلغت قيمة التمويلات الميسرة التي تم الاتفاق عليها منذ عام 2020 نحو 15.6 مليار دولار، في إطار الشراكات الدولية مع مؤسسات التمويل المختلفة.
كما استعرضت المشاط خلال اللقاء منصة «حافز»، التي أطلقتها الوزارة مؤخرًا لتكون منصة شاملة تجمع بين الاستشارات الاستثمارية وخدمات التمويل، موضحة أن المنصة تقدم حاليًا أكثر من 90 خدمة فنية وتمويلية تستهدف دعم المؤسسات المحلية والأجنبية، وتسريع وتيرة تنفيذ مشروعات التنمية الصناعية والاستثمارية.
من جانبه، استعرض ممثلو صندوق الودائع والقروض الإيطالي CDP، الذي تأسس عام 1850 ويخضع لإشراف وزارة الاقتصاد والمالية الإيطالية، آليات التعاون المقترحة مع مصر، لاسيما في مجالات البنية التحتية، والمشروعات الخضراء، والاستثمارات طويلة الأجل، مشيرين إلى أن الصندوق يعد شريكًا رئيسيًا في عدد من المبادرات الأوروبية مثل EFSD+ وTERRA وRISE، فضلًا عن إدارته لصناديق تمويل دولية مثل صندوق المناخ الإيطالي (ICF) وصندوق أفريقيا (Plafond Africa).
وأعرب الجانب الإيطالي عن تطلعه لتوسيع التعاون مع مصر في المشروعات التنموية ذات البعد البيئي والاجتماعي، مؤكدين أن مصر تمثل نموذجًا ناجحًا في مجال الشراكات التنموية المتوازنة التي تدمج بين الاستدامة والنمو الاقتصادي.
وفي سياق متصل، التقت الوزيرة أيضًا بالسيدة ديانا باتاجيا، مديرة مكتب الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) لترويج الاستثمار والتكنولوجيا في إيطاليا، والسيد دينو فورتاناتو، نائب رئيس المكتب، حيث ناقش الجانبان أهمية الاستثمار في التعليم الفني والتدريب المهني كركيزة رئيسية لتعزيز كفاءة القوى العاملة المصرية ورفع جودة الإنتاج الصناعي.
وأكدت المشاط أن الدولة تضع ملف تطوير التعليم الفني على رأس أولوياتها، كونه يمثل حلقة الوصل بين سوق العمل ومؤسسات الإنتاج، مشيرة إلى أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في تحسين منظومة التعليم الفني وربطها باحتياجات القطاعات الصناعية، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030، وخطط الدولة للتحول نحو الاقتصاد الإنتاجي.
كما تناول الاجتماع استعراض الجهود المشتركة بين مصر ومنظمة اليونيدو، خاصة في المبادرات المتعلقة بتعزيز جودة القطن المصري وتطوير سلاسل القيمة في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، والذي يعد أحد القطاعات الواعدة في دعم الصادرات وزيادة القيمة المضافة للمنتج المصري.
وناقش الطرفان فرص التعاون في توطين الصناعات، وتقديم الدعم الفني والتمويلي للقطاع الخاص المصري، خاصة في الصناعات ذات القيمة التصديرية العالية، فضلًا عن تعزيز التكنولوجيا في خطوط الإنتاج لرفع كفاءة التصنيع المحلي.
وأعرب مسؤولو اليونيدو عن تقديرهم للجهود التي تبذلها مصر في تطوير قطاع الصناعة، وأعلنوا عن نيتهم القيام بزيارة رسمية إلى القاهرة خلال شهر نوفمبر المقبل للتعرف عن قرب على برامج الدولة في دعم التنمية الصناعية وتحسين مناخ الاستثمار.
وفي ختام اللقاءات، أكدت وزيرة التخطيط أن مصر ماضية في مسارها نحو تعزيز الشراكات الدولية الداعمة للتنمية، مشددة على أن التعاون مع الشركاء الدوليين يمثل ركيزة أساسية لتحقيق أهداف الدولة في التحول الاقتصادي المستدام، واستكمال مسيرة الإصلاح والتنمية التي تستند إلى رؤية وطنية واضحة وتكامل مؤسسي فعال.

