شارك المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، في جلسة “حوار مستقبل النمو” التي نظمها المنتدى الاقتصادي العالمي بالعاصمة الأمريكية واشنطن، ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بحضور وزير المالية أحمد كجوك، والدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وعدد من الوزراء وممثلي المؤسسات الدولية وكبار رجال الأعمال.
تناولت الجلسة سبل دفع النمو الشامل والمستدام عالميًا، ومناقشة التحولات الاقتصادية في دول الجنوب، ودور الابتكار والتكنولوجيا في إعادة تشكيل ملامح التنمية خلال العقد القادم.
وفي كلمته، استعرض الوزير ملامح الرؤية الاقتصادية الجديدة لمصر، مؤكدًا أن خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة تتماشى مع أجندة المنتدى بشأن "مستقبل النمو"، حيث ترتكز على التنافسية، والإصلاح المؤسسي، والابتكار كدعائم أساسية لدفع الاقتصاد الوطني نحو مسار أكثر استدامة وتنوعًا.
وقال الخطيب إن مصر تنفذ حاليًا إصلاحًا هيكليًا شاملًا يهدف إلى إعادة تموضع القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو، من خلال تسهيل الإجراءات الاستثمارية، وإزالة العقبات البيروقراطية، وتطوير بيئة أعمال جاذبة تقوم على الشفافية والاستقرار التشريعي، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على تعزيز مكانة مصر في مؤشرات التنافسية العالمية لتكون ضمن أفضل خمسين اقتصادًا خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأوضح الوزير أن الدولة تركز على توسيع قاعدة النمو الصناعي غير النفطي، بما يشمل قطاعات السيارات، والصناعات الدوائية، والمنسوجات، والتكنولوجيا المتقدمة، مع استهداف زيادة الصادرات بنسبة 20% سنويًا حتى تصل إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030، مؤكدًا أن هذا التوجه الصناعي يعتمد على قاعدة قوية من الاستثمارات في البنية التحتية وشبكات النقل والطاقة والاتصال الرقمي.
وأضاف الخطيب أن مصر باتت على أعتاب مرحلة جديدة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، عبر استراتيجية وطنية شاملة للهيدروجين الأخضر ومشروعات الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى أن الدولة تمتلك مزايا تنافسية كبيرة في مجالي الطاقة الشمسية والرياح تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا لإنتاج الطاقة المتجددة وتصديرها للأسواق العالمية.
وأكد الوزير أن الحكومة المصرية تنظر إلى التحول الرقمي والاستثمار في رأس المال البشري باعتبارهما حجر الزاوية في تحقيق "النمو الذكي"، موضحًا أن الدولة تعمل على دمج التكنولوجيا في القطاعات الإنتاجية والخدمية كافة، مع التركيز على تدريب الكوادر الشابة وتزويدها بالمهارات الحديثة التي يتطلبها سوق العمل العالمي.
كما أشار إلى أن الاستقرار المالي والنقدي يظل أولوية في السياسات الاقتصادية الحالية، من خلال استمرار التعاون مع المؤسسات الدولية للحفاظ على انضباط المالية العامة وتحسين إدارة الدين العام وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية الخارجية.
ولفت الخطيب إلى أن الحكومة تتبنى نموذجًا تنمويًا جديدًا يقوم على الشراكة الحقيقية بين الدولة والقطاع الخاص، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولًا من الاقتصاد القائم على الإنفاق الحكومي إلى اقتصاد تنافسي يعتمد على الإنتاج والكفاءة، مع تشجيع الاستثمار طويل الأجل الذي يسهم في خلق فرص عمل وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وشدد الوزير على أن الجهود التي تبذلها الدولة في تطوير مناخ الاستثمار لا تستهدف فقط جذب رؤوس الأموال، بل تسعى إلى بناء اقتصاد قادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا، من خلال رفع الإنتاجية، وتحسين بيئة الابتكار، وتوطين التكنولوجيا في الصناعة، وتعزيز موقع مصر كمركز استراتيجي للتجارة والاستثمار في الشرق الأوسط وإفريقيا.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن "مستقبل النمو في مصر لم يعد شعارًا نظريًا، بل أصبح مسارًا واضحًا يجمع بين الطموح والإرادة والعمل"، مشيرًا إلى أن ما تحقق من إصلاحات في السنوات الأخيرة يعكس رؤية طويلة المدى تهدف إلى بناء اقتصاد مرن ومستدام يواكب التحولات العالمية ويستفيد من فرصها.

