في خطوة جديدة تؤكد التزام مصر بتعزيز مسار التحول نحو الاقتصاد الأخضر، شاركت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي "صفر مخلفات" الذي تستضيفه مدينة إسطنبول خلال الفترة من 17 إلى 19 أكتوبر الجاري، بمشاركة ممثلين عن الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص ورواد العمل البيئي من مختلف دول العالم.
وجاءت الجلسة الافتتاحية تحت عنوان "صفر مخلفات كواجب عالمي"، بمشاركة السيدة أمينة أردوغان، الرئيسة الشرفية لمؤسسة "صفر مخلفات"، ووزيري البيئة والزراعة والغابات في تركيا، والمدير التنفيذي للمؤسسة، وممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat)، إلى جانب حضور واسع من القيادات المحلية والخبراء والأكاديميين وصناع القرار البيئي.
وخلال كلمتها، أكدت الدكتورة منال عوض أن المنتدى يمثل منصة عالمية مهمة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الدول في مجال إدارة المخلفات، مشددة على أن تحقيق هدف "صفر مخلفات" لم يعد خيارًا بل أصبح واجبًا عالميًا يتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والمجتمعات والقطاع الخاص.
وأوضحت الوزيرة أن التحديات البيئية العالمية تفرض ضرورة إعادة النظر في أنماط الإنتاج والاستهلاك، والانتقال من مفهوم "التخلص من المخلفات" إلى مفهوم أكثر شمولًا يركز على الوقاية وتقليل النفايات من المصدر وإعادة الاستخدام والتدوير، مشيرة إلى أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الاتجاه من خلال استراتيجيتها للتحول إلى الاقتصاد الدائري وتحقيق التنمية الخضراء.
وأضافت أن المنتدى يناقش مجموعة من القضايا الحيوية ضمن عدة جلسات رئيسية، من بينها جلسة بعنوان "تعريف مفهوم صفر مخلفات... ماذا يعني؟"، والتي تهدف إلى وضع تعريف عالمي دقيق لمفهوم "صفر مخلفات"، يراعي اختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية للدول، مع التأكيد على أهمية التصميم المسبق لعمليات الإنتاج والاستهلاك لتقليل النفايات قبل حدوثها.
كما يستعرض المنتدى جلسة بعنوان "سياسات من أجل الكوكب... التنظيم من أجل صفر مخلفات"، والتي تناقش الدور الحيوي للتشريعات والسياسات الحكومية في دعم التحول نحو مجتمعات بلا مخلفات، وتعرض نماذج من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، مع التركيز على أهمية تحقيق توازن بين الأهداف البيئية والقدرات الاقتصادية للدول النامية.
وتطرقت الدكتورة منال عوض إلى أهمية جلسة "المدن والتحول للاقتصاد الدائري"، التي تبحث دور المدن باعتبارها المحرك الأساسي للتغيير، إذ تضم النسبة الأكبر من السكان والاستهلاك والإنتاج، وبالتالي فهي العنصر الأكثر تأثيرًا في تحقيق التحول البيئي المطلوب. وأشارت إلى أن المدن التي تبنت حلولًا دائرية في إدارة المخلفات والبنية التحتية لإعادة الاستخدام تمكنت من تحويل التحديات إلى فرص اقتصادية جديدة خلقت وظائف خضراء وساهمت في تحسين جودة الحياة.
كما يخصص المنتدى جلسة أخرى بعنوان "تمويل الاقتصاد الدائري"، والتي تركز على دور التمويل في دعم التحول نحو أنظمة مستدامة، موضحة أن التمويل يعد أحد أهم العوامل لتحقيق النجاح في تطبيق مبادئ "صفر مخلفات"، وأن مصر تعمل حاليًا على تطوير أدوات تمويل مبتكرة لجذب الاستثمارات في مجالات إعادة التدوير والطاقة المتجددة والمشروعات البيئية.
وأكدت الوزيرة أن المشاركة المصرية تأتي في إطار حرص الدولة على تبادل الخبرات مع الدول الأخرى والاستفادة من التجارب العالمية في إدارة الموارد وتحقيق الاستدامة، مشيرة إلى أن رؤية مصر 2030 تضع قضايا البيئة وإدارة المخلفات ضمن أولوياتها الوطنية، حيث تعمل الحكومة على دمج البعد البيئي في جميع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت أن القيادة السياسية في مصر تولي اهتمامًا كبيرًا بقضايا المناخ والبيئة، وقد ترجمت ذلك عمليًا من خلال استضافة مؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ، وإطلاق العديد من المبادرات الوطنية مثل "اتحضر للأخضر" و"مصر بلا مخلفات"، إلى جانب دعم جهود التحول إلى الطاقة النظيفة وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص في إدارة النفايات.
واختتمت الوزيرة كلمتها بالتأكيد على أن مصر تنظر إلى "صفر مخلفات" باعتباره نهجًا للتنمية وليس مجرد شعار بيئي، موضحة أن بناء اقتصاد مستدام يتطلب تكامل الجهود بين جميع الأطراف، وتحويل الوعي البيئي إلى ممارسات حقيقية تسهم في حماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
وبمشاركة مصر الفاعلة في هذا المنتدى الدولي، تواصل الدولة تعزيز حضورها في المحافل البيئية العالمية، مقدمة نموذجًا متوازنًا يجمع بين حماية البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
