أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه مصر حاليًا أصبح نموذجًا إقليميًا في تحقيق التوازن بين النمو والاستقرار المالي، مشيرًا إلى أن الخطوات الجادة التي اتخذتها الحكومة ساهمت في تعزيز ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين العالميين في قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق نمو مستدام قائم على الإنتاج والتصدير.
جاء ذلك خلال مشاركة الوزير في المائدة المستديرة التي نظمتها مجموعة “جيفريز” بالعاصمة الأمريكية واشنطن، ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بمشاركة نخبة من كبار المستثمرين الأمريكيين وقيادات المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
وقال الخطيب في كلمته إن استقرار الاقتصاد الكلي هو الركيزة الأساسية لأي بيئة استثمارية ناجحة، موضحًا أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في تنفيذ برنامج إصلاح شامل بدعم من مؤسسات التمويل الدولية، ما أتاح إطارًا واضحًا للسياسات الاقتصادية ورفع مستوى الشفافية أمام المستثمرين. وأضاف أن الانضباط المالي وإدارة الدين العام بحرفية أسهما في تحسين المؤشرات الاقتصادية، فيما ساعدت السياسات النقدية الجديدة على كبح معدلات التضخم تدريجيًا.
وأشار الوزير إلى أن الحكومة تعمل على تمكين القطاع الخاص ليكون شريكًا رئيسيًا في قيادة النمو الاقتصادي، موضحًا أن الدولة تسعى إلى تقليص دورها في النشاط المباشر والتركيز على دورها التنظيمي والتحفيزي، بما يضمن تكافؤ الفرص بين المستثمرين المحليين والأجانب، ويخلق بيئة تنافسية أكثر توازنًا.
وأوضح الخطيب أن صندوق مصر السيادي أصبح أحد الأدوات الرئيسية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعظيم الاستفادة من الأصول الحكومية، من خلال شراكات استراتيجية مع صناديق دولية وشركات كبرى في مجالات متنوعة، مؤكّدًا أن تلك الشراكات تهدف إلى خلق قيمة مضافة حقيقية في الاقتصاد المصري وزيادة فرص العمل.
وتناول الوزير خلال اللقاء جهود الحكومة في تحسين بيئة الأعمال، مشيرًا إلى إطلاق منصة الترخيص الرقمي الموحد التي تتيح للمستثمرين استخراج الموافقات إلكترونيًا في وقت قصير، وهو ما يعكس التحول نحو منظومة استثمارية رقمية متكاملة. وأكد أن مصر تستهدف الدخول ضمن قائمة أفضل خمسين دولة في مؤشر "جاهزية الأعمال" خلال السنوات القليلة المقبلة.
كما استعرض الخطيب التطور الملحوظ في منظومة التجارة واللوجستيات، موضحًا أن زمن الإفراج الجمركي انخفض من 16 يومًا إلى نحو 5.8 أيام فقط، مع خطة للوصول إلى يومين خلال المرحلة المقبلة، بفضل التعاون بين الجهات الحكومية وتوسيع استخدام النظم الرقمية في الموانئ. وأكد أن هذا التطور يرفع من كفاءة سلاسل الإمداد ويزيد تنافسية الصادرات المصرية في الأسواق العالمية.
وأضاف أن الحكومة تعمل حاليًا على مراجعة شاملة للرسوم والأعباء غير الضريبية المفروضة على المستثمرين، بهدف توحيدها في منظومة واحدة تضمن الشفافية والاستقرار المالي، مؤكدًا أن هذه الخطوة تأتي استجابة لمطالب مجتمع الأعمال المحلي والدولي.
وفيما يتعلق بفرص التعاون مع الولايات المتحدة، أشار الخطيب إلى أن مصر تمثل مركزًا محوريًا للتصنيع والخدمات في الشرق الأوسط، وبوابة رئيسية للأسواق الإفريقية والعربية والأوروبية، بفضل موقعها الجغرافي المتميز واتفاقيات التجارة الحرة التي تربطها بعدد كبير من الدول.
ودعا الوزير الشركات الأمريكية إلى التوسع في استثماراتها داخل السوق المصرية، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الطاقة الخضراء، ومشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، إلى جانب الصناعات الدوائية والهندسية ومكونات السيارات. كما أشار إلى الفرص الواعدة في الاقتصاد الرقمي، وخاصة في مجالات التكنولوجيا المالية وتطوير البنية التحتية الرقمية، التي أصبحت محورًا أساسيًا في خطة التحول الرقمي الوطني.
وأوضح الخطيب أن الحكومة المصرية تعمل على بناء شراكات اقتصادية قائمة على المعرفة والابتكار، مؤكدًا أن مصر تمتلك اليوم واحدة من أكثر بيئات الأعمال تنافسية في المنطقة بفضل ما تحقق من إصلاحات تشريعية وهيكلية خلال السنوات الماضية.
واختتم الوزير حديثه بالتأكيد على أن الدولة ماضية في تعزيز ثقة المستثمرين الدوليين في السوق المصرية، عبر سياسات اقتصادية واقعية ومؤسسية، تضمن استدامة النمو وتحقيق التوازن بين الإصلاح المالي والعدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التعاون مع الشركاء الدوليين لزيادة الاستثمارات الموجهة إلى القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وقد شهد اللقاء تفاعلًا إيجابيًا من المستثمرين الأمريكيين، الذين أشادوا بالخطوات التي اتخذتها مصر لتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز الشفافية الاقتصادية، مؤكدين اهتمامهم بمتابعة التطورات المستقبلية في الاقتصاد المصري واستكشاف فرص الشراكة في المرحلة المقبلة.
