أكد د. ياسر صبحي، نائب وزير المالية للسياسات المالية، أن الحكومة المصرية تمضي بخطى ثابتة نحو تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية عميقة تستهدف تحقيق التوازن بين ضبط المالية العامة وتحفيز النشاط الاقتصادي، بما يضمن استدامة النمو وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.
جاء ذلك خلال لقاء نائب وزير المالية بعدد من ممثلي المؤسسات والبنوك الدولية ومستثمرين، على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حيث استعرض الجهود المصرية في إدارة المالية العامة، والتطورات الإيجابية التي تشهدها المؤشرات الاقتصادية الكلية خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح صبحي أن الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها خلال الأعوام الماضية ساهمت في رفع كفاءة إدارة الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات من خلال تنويع مصادر الدخل وتحسين نظم التحصيل الضريبي والجمركي، إلى جانب التوسع في الحزم الداعمة للقطاع الخاص لتشجيع الإنتاج والتصدير وخلق فرص عمل جديدة.
وأشار إلي أن الدولة تعمل على زيادة المساحة المالية المتاحة للإنفاق الاجتماعي عبر خفض عجز الموازنة وتحسين كفاءة توجيه الموارد، بما يسمح بتوفير تمويل أكبر لتطوير الخدمات العامة في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، موضحًا أن تلك السياسات تستهدف تحقيق توازن دقيق بين الانضباط المالي والعدالة الاجتماعية.
ولفت نائب الوزير إلى أن دين أجهزة الموازنة شهد انخفاضًا بأكثر من 10% من الناتج المحلي خلال الفترة الأخيرة، كما تراجع الدين الخارجي بنحو 4 مليارات دولار خلال عامين، مؤكدًا أن هذه النتائج تعكس تحسن إدارة الدين العام، وتوجه الحكومة نحو تنويع أدوات التمويل وإطالة آجال السداد لتقليل المخاطر المالية على المدى المتوسط والطويل.
وشدد على أن القطاع الخاص أصبح شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، من خلال تنفيذ مشروعات إنتاجية وتصديرية تعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن الحكومة حريصة على توفير بيئة أعمال جاذبة تقوم على التسهيل والدعم وليس الجباية، وذلك من خلال حزم التيسيرات الضريبية والجمركية التي أسهمت في توسيع القاعدة الضريبية وخفض زمن الإفراج عن الواردات في الموانئ.
وأوضح أن الوزارة تعمل وفق رؤية شاملة تستهدف بناء اقتصاد قوي قائم على الإنتاج والتصدير، وليس فقط الاستهلاك، وهو ما يتطلب استمرار العمل على تحسين مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات ورفع كفاءة الخدمات الحكومية المقدمة للمستثمرين، مؤكدًا أن ثقة المؤسسات الدولية واستجابة القطاع الخاص المصري والأجنبي تعكس قدرة الاقتصاد الوطني على مواصلة التقدم والنمو.
وأشار نائب الوزير إلى أن الحكومة مستمرة في تطبيق برنامج إصلاح هيكلي موسع يركز على تحسين الإنتاجية في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، مع تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي في الخدمات المالية.
ولفت إلى أن مصر تراهن على استدامة الإصلاحات وليس مجرد تحقيق مؤشرات وقتية، مؤكدًا أن الاستقرار المالي هو الطريق الأساسي لتعزيز معدلات النمو وتحقيق التنمية الشاملة، موضحًا أن الدولة تسعى إلى تحويل ثمار الإصلاح الاقتصادي إلى تحسين ملموس في حياة المواطنين من خلال خفض معدلات التضخم، وتوفير فرص عمل لائقة، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية.
واختتم نائب الوزير كلمته بالتأكيد على أن الحكومة تواصل الحوار المستمر مع مجتمع الأعمال والمستثمرين لضمان وضوح الرؤية واستدامة السياسات المالية والنقدية، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من الإجراءات التحفيزية لدعم القطاعات الإنتاجية والصناعات التصديرية، إلى جانب تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية لتوفير تمويل ميسر للمشروعات التنموية ذات الأولوية.

