في خطوة تعكس تلاحم المؤسسات الوطنية وجهود الدولة لبناء وعي مستنير، شهدت دار الإفتاء المصرية بالقاهرة، توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة ودار الإفتاء المصرية، بهدف تعزيز الشراكة في نشر الفكر الوسطي، وترسيخ القيم الإنسانية والوطنية، ومواجهة التطرف بالفكر والفن والثقافة.
وقَّع البروتوكول الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، وفضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بحضور عدد من قيادات المؤسستين، في أجواء عكست روح التعاون والتكامل بين المؤسسات الثقافية والدينية لخدمة المجتمع المصري.
وخلال مراسم التوقيع، أكد وزير الثقافة أن هذه الخطوة تأتي إيمانًا من الوزارة بدور الثقافة في حماية الوعي الجمعي ومواجهة الأفكار الهدامة بالفكر المستنير والفن الهادف. وقال الوزير إن «الثقافة هي خط الدفاع الأول عن هوية المجتمع، وهي القادرة على حماية العقول من التطرف، لأنها تخاطب الوجدان والعقل معًا».
وأضاف أن التعاون مع دار الإفتاء يُعد نقلة نوعية في مسار العمل الثقافي المشترك، مشيرًا إلى أن البروتوكول يهدف إلى بناء الإنسان المصري على أسس من الفكر الوسطي الرشيد، وتعزيز قيم الانتماء والهوية الوطنية.
وأوضح الدكتور هَنو أن وزارة الثقافة ستعمل من خلال هذا التعاون على تنفيذ برامج وفعاليات متنوعة تشمل ندوات وورش عمل ومعارض فنية ومبادرات توعوية، تستهدف مختلف فئات المجتمع، وخاصة الشباب، لإعلاء قيم التسامح والتعايش ونبذ الكراهية. كما سيتم إصدار مطبوعات ومؤلفات مشتركة تُسهم في نشر الوعي الديني والثقافي المستنير.
من جانبه، عبّر فضيلة الدكتور نظير محمد عياد عن سعادته بتوقيع البروتوكول، مؤكدًا أن دار الإفتاء تسعى دائمًا إلى التعاون مع مؤسسات الدولة في كل ما يخدم الوطن والمواطن. وقال المفتي: «إن مواجهة التطرف لا تكون فقط بالفتوى، بل بالفكر والثقافة والفن، فالمجتمع بحاجة إلى خطاب ديني وثقافي يجمع ولا يفرق، ويغرس في النفوس قيم الوسطية والاعتدال».
وأضاف أن هذا التعاون يجسد رؤية القيادة السياسية الداعية إلى تجديد الخطاب الديني والفكري على أسس علمية وثقافية رصينة، لافتًا إلى أن دار الإفتاء تنظر إلى البروتوكول باعتباره خطوة استراتيجية نحو توحيد الجهود في نشر ثقافة الاعتدال ومكافحة الغلو والتشدد.
وأشار المفتي إلى أن البروتوكول يتضمن مشروعات طموحة تشمل تدريب الكوادر العاملة في مجالات الثقافة والإفتاء، وتنفيذ حملات توعوية مشتركة، وإعداد مشروعات علمية وثقافية تهدف إلى ترسيخ قيم المواطنة والانتماء، إلى جانب دراسة إنشاء مراكز ثقافية توعوية تعمل على تعزيز الوعي داخل مصر وخارجها.
كما أوضح الجانبان أن البروتوكول يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في إنتاج مواد إعلامية وبرامج توعوية تُعرض عبر وسائل الإعلام والمنصات الثقافية، لتصل الرسالة الوسطية إلى أكبر عدد من المواطنين، خاصة في المناطق النائية.
وأكد الطرفان أن مواجهة التطرف تحتاج إلى جهد مشترك يوازن بين قوة الحجة الدينية وعمق الرسالة الثقافية، وأن هذا التعاون يُعد نموذجًا عمليًا للتكامل بين مؤسسات الدولة في خدمة الفكر والإنسان.
ويُعد توقيع هذا البروتوكول خطوة جديدة في مسيرة الدولة المصرية لتعزيز الوعي الوطني، وترسيخ مفهوم «القوة الناعمة» كأداة لحماية الهوية وبناء الإنسان، في إطار استراتيجية التنمية الشاملة التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تضع بناء الوعي في صدارة أولوياتها.
بهذه الخطوة، تلتقي الثقافة بالدين في مسار واحد يهدف إلى بناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا، مجتمع يواجه الفكر بالفكر، ويصون وحدته بالتنوير والمعرفة.

